الشعائر الحسينية محرمة في مصادر الشيعة
المبحث الأول : حرمة النياحة
أخي المسلم أن ما يفعله الشيعة في الحسينيات والمآتم تحت مسمى الشعائر الحسينية، مثل: اللطم والنياحة ولبس السواد والتطبير وغيرها، والتي أفتى علماؤهم وعظماؤهم بجوازها فإنها محرمة على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ألسنة أئمة أهل البيت الكرام في المصادر الشيعية القديمة والحديثة، واعترف بهذا التحريم شيوخ وأعلام المذهب الشيعي الإثنى عشري، فهذا شيخهم محمد بن الحسين بن بابويه القمي الملقب عند الشيعة بالصدوق. قال: "من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله التي لم يسبق إليها: " النياحة من عمل الجاهلية "[1] ورواه محمد باقر المجلسي بلفظ: "النياحة مل الجاهلية"[2]. فالنوح الذي استمرت عليه الشيعة جيلاً بعد جيل من عمل الجاهلية كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم . كما أن النوح من الأصوات الملعونة التي يبغضها الله ورسوله صلى الله
____________________[1] رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه 4/271 – 272 كما رواه الحر العاملي في وسائل الشيعة 2/915، ويوسف البحراني في الحدائق الناضرة 4/167 والحاج حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/488.[2] بحار الأنوار 82/103.
[ 73 ]
عليه وسلم، كما يرويه علماؤهم المجلسي والنوري والبروجردي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: "صوتان ملعونان يبغضهما الله إعوال عند مصيبة وصوت عند نغمة يعني النوح والغناء"[1]. فليحذر الشيعي المغرر به من حضور هذه المآتم فإن ما فيه من نوح وعويل هو من الأصوات الملعونة التي يبغضها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن هذه الروايات التي تنهى عما يقترفه الشيعة في الحسينيات، ما جاء في كتاب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إلى رفاعة بن شداد: "وإياك والنوح على الميت ببلد يكون لك به سلطان"[2]. ومنها قوله صلى الله عليه وآله من حديث: "…وإني نهيتكم عن النوح وعن العويل"[3].ومنهما ما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإني نهيت عن النوح وعن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان"[4]. وعن علي عليه السلام: ثلاث من أعمال الجاهلية لا يزال فيها
_____________________________
[1] أخرجه المجلسي في بحار الأنوار82/101 ومستدرك الوسائل 1/143-144 وجامع أحاديث الشيعة 3/488.[2] أخرجه النوري في مستدرك الوسائل 1/144 والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 1/144وهو في البحار 82/101.[3] أخرجه بهذا اللفظ الحاج حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/372.[4] كما في مستدرك الوسائل 1/145 وجامع أحاديث الشيعة 3/486.
[ 74 ]
الناس حتى تقوم الساعة: الاستسقاء بالنجوم والطعن في الأنساب والنياحة على الموتى"[1]. ومنها ما رواه الكليني وغيره عن الصادق عليه السلام أنه قال: "لا يصلح الصياح على الميت ولا ينبغي ولكن الناس لا يعرفون"[2]. وما رواه الكليني أيضا عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لا ينبغي الصياح على الميت ولا بشق الثياب[3]. وقد سئل الإمام موسى بن جعفر عن النوح على الميت فكرهه[4]. وروى محمد باقر المجلسي عن علي رضي الله عنه قال: لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني فغسلته، كفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وحنطه، وقال لي: احمله يا علي، فحملته حتى جئت به إلى البقيع، فصلى عليه… فلما رآه منصبا بكى صلى الله عليه وآله فبكى المسلمون لبكائه حتى ارتفعت أصوات الرجال على أصوات النساء،
__________________________
[1] أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 82/101 ومستدرك الوسائل 1/143-144 وجامع أحاديث الشيعة 3/488.[2] أخرجه الكليني في الكافي 3/226 والملا محسن الملقب بالفيض الكاشاني في الوافي 13/88 والحر في وسائل الشيعة 2/916 والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/483.[3] الكليني في الكافي 3/225، وأخرجه الفقيه الأكبر محمد بن مكي العاملي في ذكرى الشيعة ص 72 والفيض في الوافي 13/88، والحر في الوسائل 3/914، والنجفي في الجواهر 4/369، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/483.[4] أخرجه الحر العاملي في وسائل الشيعة 12/92 وبين أن الكراهية هنا تعني التحريم كما أخرجه البحراني في الحدائق 4/168 وفي 18/139 وذكره البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/488 وهو في بحار الأنوار 82/105.
[ 75 ]
فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وآله أشد النهي وقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وإنا بك لمصابون وإنا عليك لمحزونون…"[1].فلاحظ أخي المسلم كيف أن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنكر عيهم أشد الإنكار ارتفاع أصواتهم بالبكاء.كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها"[2]. وروى الكليني عن فضل بن ميسر قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فجاءه رجل فشكى إليه مصيبة أصب بها. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما إنك إن تصبر تؤجر، وإلا تصبر يمضي عليك قدر الله الذي قدّر عليك وأنت مأزور"[3]. وعن الصادق جعفر بن محمد قال: إنّ الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن، ويأتيه البلاء وهو صبور، وإنّ البلاء والجزع يستبقان إلى الكافر، فيأتيه البلاء هو جزوع"[4]. قال محمد بن مكي العاملي الملقب بالشهيد الأول: " والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع"[5].
_________________________
[1] بحار الأنوار 82/100-101.[2] أخرجه بهذا الفظ الحر العاملي في وسائل الشيعة2/915 والمجلسي في بحار الأنوار 82/104 ويوسف البحراني في الحدائق 4/167 وهو في كتاب الفقه للشيرازي 5/253. [3] الكافي 3/225، الذكرى ص 71، وسائل الشيعة 2/913. [4] الذكرى ص 71.[5] الذكرى ص 72، بحار الأنوار 82/107.
[ 76 ]
فالشيخ وهو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي الملقب بشيخ الطائفة قد حرم النوح، وادعى الإجماع، أي أنه وإلى عصر الطوسي، كان الشيعة مجمعين على تحريم النوح والعويل الذي نسمعه الآن في الحسينيات. فقارن بالله عليك بين هذا وبين فتاوى علمائهم التي مضى إيرادها.وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: "لكن عن الشيخ في المبسوط ابن حمزة بالتحريم مطلقاً"[1].وقال الشيرازي: "ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل"[2].وقال نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن الملقب بالمحقق الحلي المتوفى سنة 676هـ: "والشيخ استدل بالإجماع على كراهيته-الجلوس للتعزية- إذ لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالفة لسنة السلف"[3].وقال محمد بن مكي العاملي: "والشيخ نقل الإجماع على كراهية الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة أيام، ورده ابن إدريس أنه اجتماع وتزاور، وانتصر المحقق لم ينقل من أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالف لسنة السلف ولا يبلغ التحريم، قلت: الأخبار المذكورة مشعرة به فلا معنى لاغترام حجة التزاور وشهادة الإثبات مقدمة…"[4].
___________________________
[1] الفقه 15/253.[2] الفقه 15/260.[3] المعتبر ص 94.[4] الذكرى ص 70.
[ 77 ]
وقال يوسف البحراني معلقاً على روايات تحريم النياحة بما نصه: "وأكثر الأصحاب الإعراض عن هذه الأخبار وتأويلها بل تأويل كلام الشيخ أيضاً بالحمل على النوح المشتمل على شيء من المناهي كما هو ظاهر سياق الحديث الأول. قال في الذكرى بعد نقل القول بالتحريم عن الشيخ وابن حمزة: والظاهر أنهما أرادا النوح بالباطل أو المشتمل على المحرم كما قيده في النهاية، ثم نقل جملة من أخبار النهي، وقال: وجوابه الحمل على ما ذكرناه جمعاً بين الأخبار، ولأنّ نياحة الجاهلية كانت كذلك غالباً، ولأنّ أخبارنا خاصة والخاص مقدّم. أقول: من المحتمل قريباً حمل الأخبار الأخيرة على التقية، فإنّ القول بالتحريم قد نقله في المعتبر عن كثير من أصحاب الحديث من الجمهور"[1].وتقييد الشيخ له في النهاية إن صح ما نقله البحراني عنه مردود بإقرار الشيخ نفسه بإجماع طائفته على تحريمه.فماذا تنتظر بعد هذا أيها الشيعي المنصف؟!!
_________________________
[1] الحدائق 4/168.
[ 78 ]
المبحث الثاني : حرمة اللطم
من الأدلة التي تدين الشيعة على هذه البدعة الشنيعة قول الإمام الباقر: "أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل، ولطم الوجه والصدر، وجز الشعر من النواصي، ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر، وأخذ في غير طريقه"[1].ومنها قول الصادق رحمه الله تعالى: "من ضرب يده على فخذه عند المصيبة حبط أجره"[2]أقول: فما بالك بمن يلطم وجهه وصدره، ألا يحبط ذلك الأجر من باب أولى لمخالفته لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب"[3].وقد ذكر الدكتور محمد التيجاني السماوي الشيعي أنه سأل الإمام محمد باقر الصدر عن هذا الحديث فأجابه بقوله: "الحديث صحيح لا شك فيه"[4]. ومنها ما جاء عن يحيى بن خالد أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: ما يحبط الأجر في المصيبة؟ قال: تصفيق الرجل يمينه على شماله، والصبر عند الصدمة الأولى، من رضي فله الرضا، ومن سخط فله
__________________________
[1] رواه الكليني في الكفي 3/222-223 وذكره الفقيه الأكبر محمد بن مكي العاملي الملقب بالشهيد الأول في ذكرى الشيعة ص 71 والفيض الكاشاني في الوافي 13/87 والحر العاملي في وسائل الشيعة 2/915 والمجلسي في بحار الأنوار 82/89 والبحراني في الحدائق 4/167 والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/483-484 والنجفي في جواهر الكلام 4/371.[2] تجد هذا الحديث في الكافي 3/225 وذكرى الشيعة ص 71، والوسائل 2/914.[3] مستدرك الوسائل 1/144 وجامع أحاديث الشيعة 3/489 وهو في جواهر الكلام 4/370.[4] ثم اهتديت ص 58.
[ 79 ]
السخط ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنا برىء ممن حلق وصلق أي حلق الشعر ورفع صوته"[1].ومنها ما رواه جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث المناهي أنه نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها ونهى عن تصفيق الوجه"[2].وقال محمد بن مكي العاملي: "يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً قاله في المبسوط ولما فيه من السخط لقضاء الله"[3].وقال الشيرازي: "وعن المنتهى يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور"[4].ويشير الدكتور الشيعي محمد التيجاني السماوي إلى بكاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم على عمه أبي طالب وحمزة وزوجته خديجة فيقول: "ولكنه في كل الحالات يبكي بكاء الرحمة… ولكنه نهى أن يخرج الحزن بصاحبه إلى لطم الخدود وشق الجيوب فما بالك بضرب الأجسام بالحديد حتى تسيل الدماء؟"[5].
___________________________
[1] جامع أحاديث الشيعة 3/489 ومستدرك الوسائل 1/144.[2] رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه 4/3-4 والمجلسي في بحار الأنوار 82/104 والحر العاملي في وسائل الشيعة 12/91.[3] في الذكرى ص 72 ونقله صاحب الجواهر في 4/367.[4] الفقه 15/260.[5] في كتابه كل الحلول ص 151. وعلى التيجاني أن يبين أن هذا وقت المصيبة وليس إحياءاً لها، فالشيعة لا يكتفون بالمخالفة بل بإحيائها أيضاً.
[ 80 ]
ثم يذكر التيجاني أنّ أمير المؤمنين علياً لم يفعل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يفعله عوام الشيعة[1] اليوم وكذلك لم يفعل الحسن والحسين والسجاد الذي قال فيه التيجاني: " إنه حضر محضراً لم يحضره أحد من الناس وشاهد بعينيه مأساة كربلاء التي قتل فيها أبوه وأعمامه وأخوته كلهم، ورأى من المصائب ما تزول به الجبال ولم يسجل التاريخ أنّ أحد الأئمة عليهم السلام فعل شيئاً من ذلك، أو أمر به أتباعه وشيعته[2]. وقال أيضاً: "أغلب أهل السنة والجماعة ينتقدون أفعال الشيعة التي يقومون بها بمناسبة عاشوراء من ضرب وتطبير بالسلاسل والحديد حتى تسيل الدماء… ورغم أنّ الشيعة في الهند والباكستان يفعلون ذلك وأكثر من غير ذلك، غير أنّ وسائل الإعلام المرئية كالتلفزيون لا تركز إلا على شيعة إيران لحاجة في نفس يعقوب يعرفها كل متتبع للأحداث، وكل مهتم بشؤون الإسلام والمسلمين"[3]. ويضيف التيجاني السماوي المتعصب قائلا: والحق يُقال: إنّ ما يفعله بعض الشيعة من تلك الأعمال ليست هي من الدين في شيء، ولو اجتهد المجتهدون، وأفتى بذلك المفتون، ليجعلوا فيها أجراً كبيراً وثواباً عظيماً، وإنما هي عادات وتقاليد وعواطف تطغى على أصحابها، فتخرج بها عن
______________________
[1] ما يفعله الشيعة هو بناءاً على فتاوى كبار علمائهم وقد سبق أن نقلنا بعض هذه الفتاوى حيث لا يوجد منكر لذلك من علمائهم عل حد كلام آيتهم مرتضى الفيروز أبادي. راجع مقبل الحسين لمرتضى عياد ص 170 ط دار الزهراء.[2] كل الحلول عند آل الرسول صلى الله عليه وسلم ص 151. أقول الحمد لله الذي أنطق هذا المعتوه فاعترف بأن ما يقوم به الشيعة لم يسجله التاريخ عن أحد من الأئمة الذين ينتسبون إليهم.[3] كل الحلول ص 147-148.
[ 81 ]
المألوف وتصبح بعد ذلك من الفولكلور الشعبي الذي يتوارثه الأبناء عن الآباء في تقليد أعمى وبدون شعور، بل يشعر بعض العوام بأنّ إسالة الدم بالضرب هي قربة لله تعالى، ويعتقد البعض منهم بأن الذي لا يفعل ذلك لا يحب الحسين"[1]. وقال أيضاً: "لم أقتنع بتلك المناظر التي تشمئز منها النفوس وينفر منها العقل السليم[2]، وذلك عندما يعرّى الرجل جسمه ويأخذ بيده حديداً ويضرب نفسه في حركات جنونية صائحاً بأعلى صوته حسين حسين، والغريب في الأمر والذي يبعث على الشك أنك ترى هؤلاء الذين خرجوا عن أطوارهم وظننت أنّ الحزن أخذ منهم كل مأخذ فإذا بهم بعد لحظات وجيزة من انتهاء العزاء تراهم يضحكون ويأكلون الحلوى ويشربون ويتفكهون وينتهي كل شيء بمجرد انتهاء الموكب، والأغرب أنّ معظم هؤلاء غير ملتزمين بالدين، ولذلك سمحت لنفسي بانتقادهم مباشرة عدة مرات وقلت لهم: إنّ ما يفعلونه هو فلكلور شعبي وتقليد أعمى"[3]. هذا ما أقر به هذا المتعصب المحترق الذي تخصص في الطعن في
________________________
[1] كل الحلول ص 148.[2] قال آية الله العظمى مرتضى الفيروز أبادي فيما مر نقله: "إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عليه سيرة الشيعة في العصور السابقة والأزمنة الماضية وفيها الأعاظم والأكابر من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين ولم ولن يسمع أن أحداً منهم أنكر ذلك ومنع ولو فرض أن هناك من منع لشبهة حصلت له أو لاعوجاج في السليقة فهو نادر(مقتل الحسين لمرتضى عياد عياد ص 188-189ط 1996 م ص 170ط الزهراء) فمعنى ذلك أن كبار علمائكم قد أجمعوا على إباحة ما تشمئز منه النفوس وتنفر منه العقول السليمة فهل ستعيد أيها التيجاني ترتيب أوراقك.[3] كل الحلول ص 149.
[ 82 ]
معتقدات أهل السنة والجماعة وقريب منه قول الشيخ حسن مغنية: "والواقع أنّ ضرب الرؤوس بالخناجر والسيوف وإسالة الدماء ليست من الإسلام في شيء، ولم يرد فيها نص صريح ولكنها عاطفة نبيلة تجيش في نفوس المؤمنين لما أريق من الدماء الزكية على مذابح فاجعة كربلاء"[1].
ولا ندري كيف نوفق بين قول حسن مغنية: ( إنّ ضرب الرؤوس بالخناجر والسيوف.. ليست من الإسلام في شيء ولم يرد فيها نص صريح ) وبين قوله: ( ولكنها عواطف نبيلة… ) ألا يدرك حسن مغنية أنّ هذه الأمور من المنكرات والبدع الشنيعة ؟
___________________
[1] آداب المنابر ص 182.
المبحث الثالث : لبس السواد في عاشوراء
ويقوم الشيعة بلبس السواد في عاشوراء مع ما رووه من أنه لباس أهل النار، فقد سئل الإمام عن الصلاة في القلنسوة السوداء؟ فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار"[1]. ورووا عن أمير المؤمنين علي فيما علم أصحابه أنه قال: "لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون"[2]. ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره السواد إلا في ثلاثة العمامة والخف والكساء[3].
_____________________
[1] من لا يحضره الفقيه 1/162، وسائل الشيعة 3/281، نجاة الأمة ص85.[2] فقيه من لا يحضره الفقيه 1/163، وسائل الشيعة 3/278، نجاة الأمة ص 84.[3] من لا يحضره الفقيه 1/163، نجاة الأمة ص 84.
[ 83 ]
وعن جبرئيل عليه السلام أنه هبط على رسول الله r في قباء أسود ومنطقة فيها خنجر، فقال صلى الله عليه وآله: ما هذا الزي؟ فقال: زي ولد عمك العباس يا محمد، ويل لولدك من ولد عمك العباس. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس فقال: يا عم ويل لولدي من ولدك. فقال يا رسول الله أفأجب نفسي؟ قال: جرى القلم بما فيه"[1].
قال شيخهم الحاج محمد رضا الحسيني الحائري: "المشهور بين أصحابنا الإمامية شهرة عظيمة، بل المدعى عليه الإجماع كما في الخلاف، كراهة لبس الثياب السود في الصلاة، بل مطلقا، إلاَّ في الخف والعمامة والكساء، وفي المعتبر الاقتصار على استثناء العمامة والخف ونسب ذلك إلى الأصحاب،وفي المنتهى نسبته إلى علمائنا، وعليه اقتصر في الشرايع والقواعد والإرشاد وفي الدروس، وعن اقتصار المفيد وسلار وابن حمزة الاقتصار على العمامة فقط، وعن الذكرى عدم الاستثناء في كلام كثير من الأصحاب، وفي كشف اللثام أن الكساء لم يستثنه أحد من الأصحاب إلا ابن سعيد"[2].
ويختتم الحائري كلامه بقوله: "هذه هي الروايات التي استدل بها الأصحاب لكراهة لبس الثياب السود والصلاة فيها مضافا إلى ما عرفت من دعوى الشهرة الإجماع في المسألة"[3].
_________________________
[1] من لا يحضره الفقيه1/163، وسائل الشيعة 3/279 نجاة الأمة ص 84-85. انظر مستدرك الوسائل 1/208.[2] نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة ص 83.[3] المصدر نفسه ص 85.
[ 84 ]
قلت: إذا كانت هذه الروايات رواياتهم، والإجماع إجماعهم، فلماذا يقوم شيعة اليوم بلبس السواد في الأيام العشر الأولى من محرم؟.لماذا لا يحترم الشيعة رواياتهم وإجماع علمائهم؟
المبحث الرابع : كلمة إلى خطيب أباح النياحة واللطم
قال فقيه الشيعة الأكبر محمد بن مكي العاملي والذي يلقبونه بالشهيد الأول: "والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع"[1].وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: "لكن الشيخ في المبسوط وابن حمزة القول بالتحريم مطلقا"[2].وقال الشيرازي: "ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل[3].وقال الشهيد الأول: "يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً قاله في المبسوط ولما فيه من السخط لقضاء الله"[4].وقال الشيرازي: "وعن المنتهى يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور"[5].
_________________________
[1] الذكرى ص 72.[2] الفقه 15/253.[3] الفقه 15/260.[4] الذكرى ص 77، الجواهر 4/367.[5] الفقه 15/260.
[ 85 ]
وقال هاشم الهاشمي في حواره مع فضل الله: "نعم ذهب ابن حمزة والشيخ إلى حرمة النياحة وادعى الشيخ الإجماع عليها في مبسوطه"[1]. وقال أيضاً: "نعم ورد النهي عن النياحة في جملة من الأخبار… "[2].فهذه نصوص علمائكن تحرم النوح والعويل واللطم بالإجماع اعتماداً على نصوص شرعية سقنا بعضها فلماذا تقام الحسينيات والمأتم وتضرب بهذا الإجماع عرض الجدار؟!. ثم اسمع أيها الخطيب كيف يتربى أهل البيت رضي الله عنهم ويربون أصحابهم على الصبر والاسترجاع لا على النوح والعويل كما تفعل أنت في المآتم والحسينيات. عن موسى بن جعفر رحمه الله قال: نعي إلى الصادق جعفر بن محمد
______________________________
[1] حوار مع فضل الله حول الزهراء ص 231.[2] المصدر نفسه ص 232 وقد ضعف إحدى هذه الروايات، وفاته أن هذه الرواية في الكافي وقد أوردناها في فصل حرمة اللطم والكافي هو أحد الكتب الأربعة عندهم وبما أنه يستشهد ويأنس برأي عبد الحسين شرف الدين فعبد الحسين هذا حكم بصحة جميع ما في كتبهم الأربعة ومنها الكافي وإليك كلامه بنصه كما في المراجعات المراجعة 110 قال: "الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها والكافي أقدمها وأحسنها وأتقنها". والغريب من عبد الحسين زعمه أن الأئمة أمروا اتباعهم بالندب والعويل مع أن النهي عنها جاء في مصادر يعتقد صحة ما فيها !!!. وما هو رده على ما رواه المجلسي في بحار الأنوار[6/33،219و 63/99 و79/247] عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: "كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى وأول من حدا… ؟" !!! وما هو رده على باقي الروايات؟ وما هو رده على اعتراف التيجاني بأن ما يقومون به في هذه المآتم من أعمال مما تشمئز منه النفوس وتنفر منه العقول؟
[ 86 ]
إسماعيل بن جعفر وهو أكبر أولاده وهو يريد أن يأكل، وقد اجتمع ندماؤه فتبسم ثم دعا بطعامه، وقعد مع ندمائه وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام، ويحث ندماءه، ويضع بين أيديهم، ويعجبون منه أن لا يرون للحزن أثراً، فلما فرغ قالوا: يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا، أصبت بمثل هذا الابن وأنت كما ترى. قال: وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاء في خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم، إن قوماً عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ولم ينكروا من يخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل"[1].أرأيت بعد هذا براءة أهل البيت رضي الله عنهم مما يدور في هذه المأتم.
_________________________
[1] عيون أخبار الرضا 2/2، بحار الأنوار 82/128، جامع أحاديث الشيعة 3/511.
المبحث السادس: من الكاذب محمد باقر الصدر أم التيجاني ؟
نقل الدكتور محمد التيجاني السماوي الشيعي عن شيخهم آية الله محمد باقر الصدر أنه قال له: "إن ما تراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم، ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء، بل هم دائبون على منعه وتحريمه"[1].فيا لله العجب! آية الله مرتضى الفيروز آبادي يقول فيما مر نقله: "إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عليه سيرة الشيعة …. ولم يسمع ولن يسمع أن أحداً منهم –أي علماءهم- قد أنكر ذلك ومنع…" والصدر يقول: إن علماءهم دائبون على منعه وتحريمه فهل كذب الصدر أم أن التيجاني افترى عليه؟! والذي أراه أن مصدر الكذب هنا هو التيجاني لأنه يذكر أنه سأل محمد باقر الصدر عند زيارته النجف هذا السؤال: "لماذا يبكي الشيعة ويلطمون ويضربون أنفسهم حتى تسيل الدماء وهذا محرم في الإسلام فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم "ليس منَّا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية؟ فأجابه محمد باقر الصدر كما نقله التيجاني نفسه: " الحديث صحيح لا شك فيه ولكنه لا ينطبق على مآتم أبي عبد الله، فالذي ينادي بثأر الحسين ويمشي على درب الحسين دعوته ليست دعوى جاهلية،
______________________________
[1] كل الحلول عند آل الرسول للتيجاني ص 150.
[ 92 ]
ثم إن الشيعة بشر فيهم العالم وفيهم الجاهل ولديهم عواطف، فإذا كانت عواطفهم تطغى عليهم في ذكرى استشهاد أبي عبد الله وما جرى عليه وعلى أهله وأصحابه من قتل وهتك وسبي فهم مأجورون لأن نواياهم في سبيل الله"[1]،[2]. فالرجل يعترف بصحة الحديث الذي ينهى عن لطم الخدود وشق الجيوب فيرده مكابراً راداً على رسول اله صلى الله عليه وآله، زاعماً أنه لا ينطبق على منكرات أتباعه وبدعهم، والتيجاني يدعي أنه وعلماء الشيعة يحرمونها. فمن الكاذب ؟
_______________________________
[1] ثم اهتديت للتيجاني ص 58.[2] لو كانت نواياهم في سبيل الله لسمعوا وأطاعوا المصطفى صلى الله عليه وأله وسلم في نهيه لهم ولأمثالهم بقوله: "ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب" وكلام الصدر هنا غريب فقد اعترف بصحة الحديث وعدم تطرق الشك إليه لكنه عاد فالتف على الحديث الذي اعترف بصحته بقوله: ولكنه لا ينطبق على مآتم أبي عبد الله" وانتهى إلى أن الشيعة مأجورون على هذه العواطف التي طغت على نهي النبي صلى الله عليه وسلم. نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
المبحث السابع : التيجاني يعود إلى الكذب مرة أخرى
قال التيجاني: "ولا يخفى أن كثيراً من العلماء كمحسن الأمين، واليوم سماحة السيد القائد علي الخامنئي، وآية الله محمد حسين فضل الله، وكثير من العلماء أفتوا بعدم جوازها… "[1].
___________________________
[1] كل الحلول عند آل الرسول ص 153.
[ 93 ]
قلت: إن الكذب الذي طبع عليه التيجاني في سائر مؤلفاته التي اطلعنا عليها يدخل عنده في باب التقية التي يؤجر الشيعي عليها، فهو يريد أن يلمع صورة التشيع أمام المسلمين لأن كتبه توزع بكثرة [2] في أوساط أهل السنة والجماعة فكلامه الذي أمامك كذب مفضوح فاخامنئي ( وهو مرشد الثورة ) أجاز فيما مر نقله ما نفاه عنه هذا التيجان الأفاك. أما محمد حسين فضل الله فقد نقلنا لك تجويزه للطم الذي قيده بالهادىء، وفي مناسبة أخرى قال: له اللطم بحسب الولاء. ولك بعد هذا أن تحكم على التيجاني بما تراه. وأما قوله ( وكثير من العلماء أفتوا بعدم جوزاها ) فكذب مفضوح، لأن آيتهم مرتضى الفيروز آبادي أضاع الفرصة على التيجاني دون تمرير كذبته وذلك بقوله: ( ولم يسمع ولن يسمع أن أحداً منهم – يعنى أعاظم وكبار علمائهم المتقدمين والمتأخرين- قد أنكر ذلك ومنع…) فهل نصدق التيجاني الذي تكذبه النصوص والفتاوى أم كبار علمائهم؟
_________________________
[2] وقد رد عليه غير واحد من أهل السنة فبينوا بالأدلة الدامغة كذبه وتدليسه منهم الشيخ عثمان الخميس في "كشف الجاني" خالد العسقلاني في "بل ضللت" ثم الدكتور إبراهيم الرحيلي في الانتصار للصحب والآل.
[ 94 ]
المبحث الثامن : الشيعة وإنكارهم صوم عاشوراء
الشيعة ينكرون صيام هذا اليوم ويتهمون الأمويين بوضع الروايات التي تحث على صومه، وقد ألف أحدهم وهو المدعو جمال الدين بن عبد الله كتابا بعنوان "صيام عاشوراء" جمع فيه الروايات التي تتعرض لصوم هذا اليوم أمراً أو نهياً، وحاول الانتصار فيه لمذهبه، وما أفلح الرجل.لقد حشد الروايات التي تنهى عن صوم هذا اليوم. أنقل لك طائفة منها وهي ولله الحمد متعارضة متناقضة يكذب بعضها بعضاً.
من هذه الروايات : ما رووه عن الرضا أنه سئل عن صوم يوم عاشوراء وما يقول الناس فيه؟ فقال: عن صوم ابن مرجانة تسألني! ذلك اليوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين عليه السلام، وهو يوم يتشايع به آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويتشايع به أهل الإسلام واليوم الذي يتشايع به أهل الإسلام لا يصام ولا يتبرك به، ويوم الاثنين يوم نحس قبض الله فيه نبيه صلى الله عليه وسلم، وما أصيب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا في يوم الاثنين… فمن صامهما أو تبرك بهما لقي الله تبارك وتعالى ممسوخ القلب، وكان محشره مع الذين سنوا صومهما والتبرك بهما"[1].وما رووه عن زيد النرسي قال: سمعت عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: من صامه كان حظه من صيام ذلك اليوم حظ ابن مرجانة وآل زياد. قال: قلت: وما كان حظهم من ذلك اليوم؟ قال: النار أعاذنا الله من النار، ومن عمل يقرب من النار"[2]. وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: لا تصم في يوم
_________________________
[1] صيام عاشوراء ص 117- 118.[2] صيام عاشوراء ص 118.
[ 95 ]
عاشوراء ولا عرفة بمكة[1]. وعن نجية قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء؟فقال: صوم متروك بنزول رمضان، والمتروك بدعة. قال نجية: فسألت أبا عبد الله عليه السلام من بعد أبيه عليه السلام عن ذلك؟ فأجابني بمثل جواب أبيه. ثم قال: أما إنه صوم يوم ما أنزل به كتاب ولا جرت به سنة إلا سنة آل زياد بقتل الحسين بن علي عليهما السلام"[2].فلاحظ أخي القارىء الكريم أن الرواية الأولى تصرح بأن عاشوراء يوم صامه آل زياد، وفي رواية أوردها المؤلف المذكور عن جعفر الصادق منها… لما قتل الحسين عليه السلام تقرب الناس بالشام إلى يزيد فوصفوا له الأخبار وأخذوا عليه الجوائز من الأموال فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم وأنه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور… "[3].ومثلهما الروايتان الثانية والثالثة وأما الرواية الرابعة فتنسف الروايتين السابقتين مؤكدة أن صيام هذا اليوم موجود قبل وجوب شهر رمضان أي أن صيام هذا اليوم موجود قبل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فانظر أخي القارىء كيف ينسف الباطل بعضه بعضاً.
_____________________________
[1] صيام عاشوراء ص 114.[2] صيام عاشوراء ص 144.[3] صيام عاشوراء ص 122 ثم ذكر في الصفحة 188 رواية عن الصادق جاء فيها:…… إن آل أمية نذروا نذراً إن قتل الحسين عليه السلام أن يتخذوا ذلك اليوم عيداً لهم يصومون فيه شكراً ويفرحون أولادهم فصارت في آل أبي سفيان سنة إلى اليوم فلذلك يصومونه… الخ.
[ 96 ]
كما أنكر المدعو/ محمد التيجاني السماوي صوم عاشوراء ونسب إلى الأمويين صيام هذا اليوم. قال السماوي: "ويتبين لنا أيضا بأن أهل السنة والجماعة يحتفلون بيوم عاشوراء لأنهم اتبعوا سنة يزيد بن معاوية وبني أمية في احتفالهم بذلك اليوم، لأنهم انتصروا فيه على الحسين وأخمدوا ثورته التي كانت تهدد كيانهم، وقطعوا بذلك دابر الشغب على حد زعمهم… وتقرَّب إليهم علماء السوء من أهل السنة والجماعة فوضعوا لهم أحاديث في فضل ذلك اليوم، وأن عاشوراء هو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وهو اليوم الذي رست فيه سفينة نوح على جبل الجودي، وهو اليوم الذي كانت فيه النار برداً وسلاماً على إبراهيم، وهو اليوم الذي خرج فيه يوسف من السجن ورد فيه بصر يعقوب، وهو اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون، وهو اليوم الذي نزلت فيه على عيسى مائدة من السماء… وقد أمعنوا في الكذب عندما رووا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هاجر إلى المدينة فصادف دخوله إليها يوم عاشوراء فوجد يهود المدينة صياماً فسألهم عن السبب قالوا: هذا اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحن أولى بموسى منكم، ثم أمر المسلمين بصوم عاشوراء وتاسوعاء لمخالفة اليهود. وهذا كذب مفضوح[1].ويتهجم على أهل السنة معارضاً صوم يوم عاشوراء، زاعماً أنه يومٌ سنَّه الأمويون لطمس ذكرى قتل الحسين رضي الله عنه. وذلك في شريط
________________________
[1] الشيعة هم أهل السنة للتيجاني ص 301-302 نشر شمس المشرق بيروت ومؤسسة الفجر بلندن، وردد هذه الأكاذيب في كتابه "فسيروا في الأرض" ص276.
[ 97 ]
مسجل بصوته في كلام طويل منه قوله: "في حين أن روايات أهل البيت عليهم السلام تحرم صيام هذا اليوم".
اسمع أيها التيجاني: إننا لا ندينك ولا نلزمك إلا بروايات شيعية محضة تأخذك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك… إن شاء الله تعالى، فهذا شيخ طائفتك على الإطلاق أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي يروي في كتابيه "تهذيب الأحكام" و"الاستبصار" وهما من أصولكم الأربعة التي قال فيها عبد الحسن شرف الدين العاملي وهو أحد أساطينكم: "الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها"[1]. يروي عن أبي عبد الله علي السلام عن أبيه أن عليا عيهما السلام قال: "صوموا العاشوراء-هكذا- التاسع والعاشر فإنه يكفر ذنوب سنة"[2].وروى عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: "صام رسول الله صلى عليه وآله يوم عاشوراء"[3].
_______________________
[1] المراجعات: المراجعة 110 ص 311.[2] أخرج الطوسي هذه الرواية في تهذيب الأحكام 4/299، وفي الاستبصار 2/134 وأخرجها الفيض الكاشاني في الوافي 7/13 والحر العاملي في وسائل الشيعة 7/337، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 9/474-475 وذكرها جمال الدين في صيام عاشوراء ص 112. [3] تهذيب الأحكام 4/29 والاستبصار 2/134 والفيض الكاشاني في الوافي 7/13 والحر في وسائل الشيعة 7/337 وهو في جامع أحاديث الشيعة 9/475 وكذلك في الحدائق الناضرة 13/370-371 وذكره جمال الدين في صيام عاشوراء ص 112.
[ 98 ]
وروي عن جعفر عن أبيه علي السلام أنه قال: "صيام يوم عاشوراء كفارة سنة"[1]. وعن الصادق رحمه الله قال: من أمكنه صوم المحرم فإنه يعصم صاحبه من كل سيئة"[2].وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن أفضل الصلاة بعد الصلاة الفريضة الصلاة في جوف الليل وإن أفضل الصيام من بعد شهر رمضان صوم شهر الله الذي يدعونه المحرم"[3]. أرأيت بعد هذا أيها التيجاني أن الذي سن صيام يوم عاشوراء هو المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا الأمويون كما تزعم أنت آثما مفتريا على الله وعلى رسوله وعلى المؤمنين.
أرأيت افتراءك على أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما زعمت أنهم يحرمون صوم هذا اليوم.وعن علي رضي الله عنه قال: صوموا يوم عاشوراء التاسع والعاشر احتياطاً فإنه كفارة السنة التي قبله وإن لم يعلم به أحدكم حتى يأكل فليتم
________________________
[1] في تهذيب الأحكام 4/300 والاستبصار 2/134 وجامع أحاديث الشيعة 9/475 وهو في الحدائق الناضرة 13/371 وذكره جمال الدين في صيام عاشوراء ص 112، والوافي للكاشاني 7/13 والحر في وسائل الشيعة 7/337.[2] أخرج هذه الرواية الحر في وسائل الشيعة 7/347 والبحراني في الحدائق الناضرة 13/377 والحاج آقا حسين بروجردي في جامع أحاديث الشيعة 9/474.[3] المصادر السابقة في المواضع نفسها.
[ 99 ]
صومه"[1]. أرأيت أيها المفتري حرص أمير المؤمنين علي رضوان الله عليه على صوم هذا اليوم الذي تحاول أنت وأضرابك حرمان المسلمين من أجره فانظر كيف أنه أمر من أكل في هذا اليوم أن يمسك ويتم صومه.وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا رأيت هلال المحرم فاعدد فإذا أصبحت من تاسعه فأصبح صائماً قلت ( أي الراوي ): كذلك كان يصوم محمد صلى الله عليه وآله قال: نعم"[2].
وأما إنكاره وتحامله على علماء أهل السنة بأنهم وضعوا على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا اليوم هو الذي تاب الله فيه على آدم وهو اليوم الذي رست فيه سفينة نوح … فدليل على جهله أو تجاهله بل وقلة علمه، فهذا شيخ طائفته أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي يروي عن أبي جعفر رحمه الله قال: " لزقت السفينة يوم عاشوراء على الجودي فأمر نوح عليه السلام من معه من الجن والإنس أن يصوموا ذلك اليوم. قال أبو جعفر عليه السلام: أتدرون ما هذا اليوم؟ هذا اليوم الذي تاب الله عز وجل فيه على آدم وحواء،وهذا اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل فأغرق فرعون ومن معه، وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى عليه السلام فرعون
_____________________________
[1] أخرج هذه الرواية المحدث الشيعي الحاج حسين النوري الطبرسي في مستدرك الوسائل 1/594 والحاج البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 9/475.[2] أخرج هذه الرواية الشيخ الشيعي رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس في كتابه إقبال الأعمال ص 554 والحر العاملي في وسائل الشيعة 7/347 والحاج النوري الطبرسي في مستدرك الوسائل 1/594 وهو في جامع أحاديث الشيعة9/475.
[ 100 ]
وهذا اليوم الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام، وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس، وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى ابن مريم..."[1]. ورواه الشيعي رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر ابن طاوس قائلاً: " ووردت أخبار كثيرة بالحث على صيامه"[2]. وذكر هذه الرواية الحر العاملي[3] والنوري الطبرسي[4] حسين البروجردي[5] يوسف البحراني[6]. وروى النوري الطبرسي عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: "أوفت السفينة يوم عاشوراء على الجودي فأمر نوح من معه من الإنس والجن بصومه، وهو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم عليه السلام"[7].فهل هذه أيضاً من الروايات التي يرددها أهل السنة والجماعة؟!
وروى الصدوق في المقنع: أنه في عشر من المحرم وهو يوم عاشوراء أنزل الله توبة آدم، وفيه استوت سفينة نوح على الجودي، وفيه عبر موسى البحر، وفيه ولد عيسى ابن مريم عليه السلام، وفيه أخرج الله يونس من بطن الحوت، وفيه أخرج الله يوسف من بطن الجب، وفيه تاب الله على قوم
__________________________
[1] تهذيب الأحكام للطوسي 4/300.[2] في إقبال الأعمال ص558 ط دار الكتب الإسلامية بطهران.[3] وسائل الشيعة 7/338.[4] ذكرها النوري في مستدرك الوسائل 1/594.[5] جامع أحاديث الشيعة 9/475 – 476.[6] في الحدائق الناضرة 13/371 كما ذكرها الشيخ جمال الدين بن عبد الله في صيام عاشورا ص112 – ص113.[7] أورد النوري الطبرسي هذه الرواية في مستدرك الوسائل 1/594 فراجعها لتعلم أن المنكرين لا أمانة علمية عندهم.
[ 101 ]
يونس، وفيه قتل داود جالوت، فمن صام ذلك اليوم غفر له ذنوب سبعين سنة وغفر له مكاتم عمله”[1]. وفي حديث الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلام في عداد الصوم الذي صاحبه بالخيار: صوم عاشوراء[2]. ومثله المروي في الفقه الرضوي[3]. فماذا يقول التيجاني بعد هذا؟!!
هذا وعلى التيجاني أن يعلم أن روايات صوم عاشوراء جاءت من طرق الشيعة بأسانيد معتبرة، في حين جاءت الروايات الناهية عن صومه بأسانيد ضعيفة، وقد اعترف بهذا شيخهم الحاج السيد محمد رضا الحسيني الحائري في كتابه “نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة" صفحة 145، 146، 148 طبع قم إيران 1413هـ. فماذا يقول بعد ذلك؟. وما رد الدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس القائل: إن أجهزة الدعاية الأموية قلبت الحقائق، وحولت يوم الكارثة إلى يوم عيد وسرور، وهو الذي ما زال متداولاً إلى يومنا هذا"[4] فهل الطوسي والصدوق والحر العاملي والنوري الطبرسي وابن طاوس
___________________________
[1] المقنع للصدوق ص101 ، صام عاشوراء ص113 مختصرة.[2] الهداية للصدوق ص303.[3] صيام عاشوراء ص113.[4] على خطى الحسين ص106 لاحظ جرأة الرجل فهل يوجد سني على وجه الأرض اتخذ يوم قتل الحسين عيداً؟!!
[ 102 ]
الذين رووا فضل صوم عاشوراء من العاملين والمروجين للدعاية الأموية التي قلبت الحقائق؟
لماذا تردّد الأكاذيب أيها الدكتور؟ لماذا لا تنصف أهل السنة وتبيّن للشيعة أن أهل السنة يصومون هذا اليوم اقتداءً بنبيّهم محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم بروايات صحيحة عند الفريقين السنة والشيعة، اعترف شيخكم ابن طاوس بكثرتها؟! وإذا كنت ساخطاً على أهل السنة لعدم اتخاذهم يوم قتل الحسين رضي الله عنه حزناً كما هو حال الشيعة، فيُرد عليك من وجهين: الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر باتخاذ هذا اليوم حزناً ونياحة كما يفعل الشيعة، بل إنه صلوات الله وسلامه عليه نهى عن هذا بقوله صلى الله عليه وسلم:"النياحة من عمل الجاهلية " وهذا حديث متفق على صدوره بين الفريقين، وقد سقناه مع غيره في فصل "حرمة النياحة " فراجعه. ثم إنّ أعظم مصيبة أصيب بها المسلمون هي موت النبي صلى الله عليه وسلم بنص حديثه صلى الله عليه وسلم: "من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب" [1].
_________________________
[1] وهذا حديث متفق عليه بين الفريقين رواه الكليني في الكافي 3/220 والحر العاملي في وسائل الشيعة 2/911 واللفظ للثاني فراجع هذين المصدرين تجد تخريجهما للحديث بألفاظ متقاربة.
[ 103 ]
ومع هذا لم يتخذ المسلمون يوم وفاته حزناً ونياحة رغم أنها أكبر المصائب، وكذلك وفاةالصديق وقتل الفاروق وذي النورين وعلي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين لم يتخذ المسلمون وفاتهم حزناً ونياحة كما يفعل الشيعة.فلماذا لم يحي الشيعة يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهي أعظم من مصيبة قتل الحسين رضي الله عنه؟!!لماذا لم يقم الحسن والحسين مأتماً سنوياً بمناسبة قتل أبيهما علي رضي الله عنهم جميعاً؟!!أليس أبو الحسن خيراً من الحسن والحسين[*]؟!!إن أبناء جلدتك هم الذين دعوه فخذلوه ثم قتلوه، فهذا سبط رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبدالله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج، ليس معه ذمام، فتفرق الناس عنه وأخذوا يميناً وشمالاً حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه، ونفر يسير ممن انضمّوا إليه"[1].فأسلافك هم الذين دعوه فخذلوه.
ألم تقل أيها الدكتور: "... فالشيعة مسلمون ... والمنصف هو من
__________________________
[*] راجع مبحث "الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة".[1] نقل هذا عبد الحسين شرف الدين في المجالس الفاخرة ص85 وقد مر نقله عنه وعن غيره فراجع.
[ 104 ]
يعود إلى كتبهم العقيدية ليطلع على أفكارهم وعقائدهم لا أن يقرأ كتب خصومهم التي تحتوي على الافتراءات والأكاذيب بما لا يرتضيه دين ولا يقر به عاقل منصف" [1].وها هي كتب أتباعك تثبت سنة صوم عاشوراء وتنهى عن النياحة وأنتم تخالفونها.وها هي تأمر بصوم عاشوراء وأنتم تلصقونه بالأمويين.وأما خصوم الشيعة، وحسبك تهمة تحريف القرآن، فإن عمدتهم الروايات المتواترة والتي صرح كباركم بأنها معلومة من دينكم بالضرورة وأن ردّها ودفعها يستلزم دفع جميع الأخبار ولا أظنك ممن يجهل هذا ولكنها التقية التي قال عنها إمامك الخميني: "... ولولا التقية لصار المذهب في معرض الزوال والانقراض"[2].والتي قال عنها جعفر الصادق رحمه الله – كما نسبتموه له!! - : "إنّكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله"[3].وفي رواية عنه Lليس من شيعة علي من لا يتقي"[4].وروى الكليني والكاشاني عن أبي عبدالله رحمه الله قال: "من استفتح
__________________________
[1] الطريق إلى مذهب أهل البيت ص 27[2] الرسائل للخميني 2/185.[3] الكافي 2/222 ، والرسائل 2/185.[4] جامع الأخبار للشعيري ص95.
[ 105 ]
نهاره بإذاعة سرنا سلّط الله عليه حر الحديد وضيق المجالس"[1].وفي رواية عن الصادق: Lليس منّا من لم يلزم التقية"[2].فهل هذا خُلُق من يقول فيصدق في قوله أيها الدكتور؟!!وليس لك أيها الدكتور أن تلوذ وراء جواز التقية عند احتمال الخطر على النفس لأن إمامك الخميني أجازها حتى وإن كان الشيعي آمناً على نفسه قال: " ثم إنه لا يتوقف جواز هذه التقية بل وجوبها على الخوف على نفسه أو غيره بل الظاهر أن المصالح النوعية صارت سبباً لإيجاب التقية من المخالفين فتجب التقية وكتمان السر لو كان مأموناً وغير خائف على نفسه"[3].فكيف يُعرف أيها الدكتور صِدْقُكم من تقيتكم؟فهل لك أن تفيدنا في إجابة هذا السؤال المحيّر؟!!وهل لك أن تجيبنا وتوضّح لنا هذا السر الذي يجب كتمانه؟!!وهل هذه الروايات وما سقناه وأوردناه في هذه الرسالة من كتب خصومكم أم من كتبكم؟!!إن الذي أمر الناس بالنوح والبكاء وإقامة المآتم على الحسين في
_________________________
[1] الكافي 2/372 ، الوافي 3/159.[2] وسائل الشيعة 11/466.[3] الرسائل للخميني 2/201.
[ 106 ]
السكك والأسواق وبالتهنئة والسرور يوم الغدير هو معز الدولة البويهي وكان من علماء الإمامية[1] وليس أهل البيت رضي الله عنهم .. فهل تعلم هذا أيها الدكتور؟!!
أما أهل البيت رضي الله عنهم فقد سمعوا جدّهم صلى الله عليه وسلم يقول:"النياحة من عمل الجاهلية" فهيهات هيهات أن يأمروا بإقامة مآتم تقام بها أعمال الجاهلية.
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها:"إذا أنا مت فلا تخمشي عليّ وجهاً ولا ترخي عليّ شعراً ولا تنادي بالويل والثبور ولا تقيمي عليّ نائحة.."؟!![2].ألم ينقل شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي تحريم النوح إجماعاً"؟[3].هذا بالإضافة إلى تناقض الشيعة في نقل الحوادث ومبالغتهم فيها. فهذا المحامي الشيعي أحمد حسين يعقوب يقول ما نصه: "ولأجل قتل الإمام الحسين وإبادة بيت النبوة جمع عبيدالله ثلاثين ألف مقاتل" [4]. ثم يأتي بعد ذلك لينسف كلامه هذا بما نقله عن الحسين رضي الله عنه أنه قال: "يا أهلي وشيعتي اتخذوا هذا الليل جملاً لكم وانجو بأنفسكم فليس المطلوب غيري ولو قتلوني ما فكروا فيكم فانجو رحمكم الله وأنتم في حل وسعة من
______________________
[1] كما نقل لنا هذا شيخكم محمد باقر الخونساري في روضات الجنات 6/139 ومحدثكم عباس القمي في الكنى والألقاب 2/430.[2] راجع فصل النساء والحسينيات.[3] راجع فصل وقفة مع من أباح النياحة واللطم.[4] كربلاء الثورة والمأساة ص280 . راجع أيضاً ص269 وما بعدها.
[ 107 ]
بيعتي وعهدي الذي عاهدتموني"[1].
فالإمام الحسين يصرّح هنا بأنه هو المطلوب، ولو ظفروا به ما فكروا في غيره، وأنت تقول إن المطلوب إبادة أهل البيت فما الصحيح في كلامك أيها المحامي؟!!
إن الأخبار التي ترددونها في مقتل الحسين رضي الله عنه وعلى ضوئها تطعنون وتسبّون وتحقدون وتتآمرون، هي من الأباطيل والأكاذيب التي لا أساس لها، وقد اعترف بهذا شيخكم ومجتهدكم عبد الحسين الحلي حيث قال: "نعم إن تلك الأخبار غير معلومة الصدق وهكذا جميع الأخبار بلا استثناء وشتان بين معلوم الكذب وبين غير معلوم الصدق، ولو لزم الناس أن لا ينقل أحد منهم إلا الصادق أو معلوم الصدق ولو بالطرق الظاهرية المعروفة في كتب الأصول والحديث لانسَدّ باب نقل الأخبار وبطل الاحتجاج بأقوال المؤرخين"[2].
ثم إن خبر "يا أهلي وشيعتي اتخذوا هذا الليل جملاً .." يناقض ويدحض ما نقله الدكتور أحمد راسم النفيس وغيره من أن الإمام الحسين رضي الله عنه قال لمن عرض عليه عدم اصطحاب نسوته معه وهو أخوه محمد ابن الحنفية عن جدّه المصطفى صلى الله عليه وسلم"إن الله قد شاء أن يرى نسوتك سبايا" [3].
________________________________
[1] كربلاء الثورة والمأساة ص297 وراجع ص295 ، 296 حيث ناقض المحامي نفسه لنتعجب بعد ذلك من تلاعب الحاقدين بالوقائع التاريخية.[2] الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي ص29.[3] على خطى الحسين ص97 ، 101.
[ 108 ]
فليفسر لنا الدكتور النفيس هذين الخبرين المتناقضين. قال عبد الحسين الحلي الشيعي المتعصب جداً:"إن وقائع الطف لم تصل إلينا حتى التي تلقيناها بواسطة المفيد والشيخ والسيد وأضرابهم إلا مرسلة، وأكثر ما يرسل المؤرخون وأوثقهم ابن جرير الطبري عن أبي مخنف وهو لم يحضر الواقعة" [1]. أرأيت أيها الدكتور كيف أنكم ترددون في مآتمكم أخباراً مرسلة غير معلومة الصدق وتخالفون النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه عن النياحة وتتنكرون لصوم عاشوراء رغم ثبوته عندكم. فسر لنا أيها الدكتور كيف رفض الإمام الحسين عليه رضوان الله ورحمته صرف النسوة ثم جاء أخيراً وطلب من الجميع الانصراف وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وآله أن الله شاء أن يرى نسوته سبايا" ؟!!!
_______________________________
[1] الشعائر الحسينية ص27.
[ 109 ]
أخي المسلم أن ما يفعله الشيعة في الحسينيات والمآتم تحت مسمى الشعائر الحسينية، مثل: اللطم والنياحة ولبس السواد والتطبير وغيرها، والتي أفتى علماؤهم وعظماؤهم بجوازها فإنها محرمة على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ألسنة أئمة أهل البيت الكرام في المصادر الشيعية القديمة والحديثة، واعترف بهذا التحريم شيوخ وأعلام المذهب الشيعي الإثنى عشري، فهذا شيخهم محمد بن الحسين بن بابويه القمي الملقب عند الشيعة بالصدوق. قال: "من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله التي لم يسبق إليها: " النياحة من عمل الجاهلية "[1] ورواه محمد باقر المجلسي بلفظ: "النياحة مل الجاهلية"[2]. فالنوح الذي استمرت عليه الشيعة جيلاً بعد جيل من عمل الجاهلية كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم . كما أن النوح من الأصوات الملعونة التي يبغضها الله ورسوله صلى الله
____________________[1] رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه 4/271 – 272 كما رواه الحر العاملي في وسائل الشيعة 2/915، ويوسف البحراني في الحدائق الناضرة 4/167 والحاج حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/488.[2] بحار الأنوار 82/103.
[ 73 ]
عليه وسلم، كما يرويه علماؤهم المجلسي والنوري والبروجردي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: "صوتان ملعونان يبغضهما الله إعوال عند مصيبة وصوت عند نغمة يعني النوح والغناء"[1]. فليحذر الشيعي المغرر به من حضور هذه المآتم فإن ما فيه من نوح وعويل هو من الأصوات الملعونة التي يبغضها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن هذه الروايات التي تنهى عما يقترفه الشيعة في الحسينيات، ما جاء في كتاب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إلى رفاعة بن شداد: "وإياك والنوح على الميت ببلد يكون لك به سلطان"[2]. ومنها قوله صلى الله عليه وآله من حديث: "…وإني نهيتكم عن النوح وعن العويل"[3].ومنهما ما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإني نهيت عن النوح وعن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان"[4]. وعن علي عليه السلام: ثلاث من أعمال الجاهلية لا يزال فيها
_____________________________
[1] أخرجه المجلسي في بحار الأنوار82/101 ومستدرك الوسائل 1/143-144 وجامع أحاديث الشيعة 3/488.[2] أخرجه النوري في مستدرك الوسائل 1/144 والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 1/144وهو في البحار 82/101.[3] أخرجه بهذا اللفظ الحاج حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/372.[4] كما في مستدرك الوسائل 1/145 وجامع أحاديث الشيعة 3/486.
[ 74 ]
الناس حتى تقوم الساعة: الاستسقاء بالنجوم والطعن في الأنساب والنياحة على الموتى"[1]. ومنها ما رواه الكليني وغيره عن الصادق عليه السلام أنه قال: "لا يصلح الصياح على الميت ولا ينبغي ولكن الناس لا يعرفون"[2]. وما رواه الكليني أيضا عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لا ينبغي الصياح على الميت ولا بشق الثياب[3]. وقد سئل الإمام موسى بن جعفر عن النوح على الميت فكرهه[4]. وروى محمد باقر المجلسي عن علي رضي الله عنه قال: لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني فغسلته، كفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وحنطه، وقال لي: احمله يا علي، فحملته حتى جئت به إلى البقيع، فصلى عليه… فلما رآه منصبا بكى صلى الله عليه وآله فبكى المسلمون لبكائه حتى ارتفعت أصوات الرجال على أصوات النساء،
__________________________
[1] أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 82/101 ومستدرك الوسائل 1/143-144 وجامع أحاديث الشيعة 3/488.[2] أخرجه الكليني في الكافي 3/226 والملا محسن الملقب بالفيض الكاشاني في الوافي 13/88 والحر في وسائل الشيعة 2/916 والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/483.[3] الكليني في الكافي 3/225، وأخرجه الفقيه الأكبر محمد بن مكي العاملي في ذكرى الشيعة ص 72 والفيض في الوافي 13/88، والحر في الوسائل 3/914، والنجفي في الجواهر 4/369، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/483.[4] أخرجه الحر العاملي في وسائل الشيعة 12/92 وبين أن الكراهية هنا تعني التحريم كما أخرجه البحراني في الحدائق 4/168 وفي 18/139 وذكره البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/488 وهو في بحار الأنوار 82/105.
[ 75 ]
فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وآله أشد النهي وقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وإنا بك لمصابون وإنا عليك لمحزونون…"[1].فلاحظ أخي المسلم كيف أن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنكر عيهم أشد الإنكار ارتفاع أصواتهم بالبكاء.كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها"[2]. وروى الكليني عن فضل بن ميسر قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فجاءه رجل فشكى إليه مصيبة أصب بها. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما إنك إن تصبر تؤجر، وإلا تصبر يمضي عليك قدر الله الذي قدّر عليك وأنت مأزور"[3]. وعن الصادق جعفر بن محمد قال: إنّ الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن، ويأتيه البلاء وهو صبور، وإنّ البلاء والجزع يستبقان إلى الكافر، فيأتيه البلاء هو جزوع"[4]. قال محمد بن مكي العاملي الملقب بالشهيد الأول: " والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع"[5].
_________________________
[1] بحار الأنوار 82/100-101.[2] أخرجه بهذا الفظ الحر العاملي في وسائل الشيعة2/915 والمجلسي في بحار الأنوار 82/104 ويوسف البحراني في الحدائق 4/167 وهو في كتاب الفقه للشيرازي 5/253. [3] الكافي 3/225، الذكرى ص 71، وسائل الشيعة 2/913. [4] الذكرى ص 71.[5] الذكرى ص 72، بحار الأنوار 82/107.
[ 76 ]
فالشيخ وهو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي الملقب بشيخ الطائفة قد حرم النوح، وادعى الإجماع، أي أنه وإلى عصر الطوسي، كان الشيعة مجمعين على تحريم النوح والعويل الذي نسمعه الآن في الحسينيات. فقارن بالله عليك بين هذا وبين فتاوى علمائهم التي مضى إيرادها.وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: "لكن عن الشيخ في المبسوط ابن حمزة بالتحريم مطلقاً"[1].وقال الشيرازي: "ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل"[2].وقال نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن الملقب بالمحقق الحلي المتوفى سنة 676هـ: "والشيخ استدل بالإجماع على كراهيته-الجلوس للتعزية- إذ لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالفة لسنة السلف"[3].وقال محمد بن مكي العاملي: "والشيخ نقل الإجماع على كراهية الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة أيام، ورده ابن إدريس أنه اجتماع وتزاور، وانتصر المحقق لم ينقل من أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالف لسنة السلف ولا يبلغ التحريم، قلت: الأخبار المذكورة مشعرة به فلا معنى لاغترام حجة التزاور وشهادة الإثبات مقدمة…"[4].
___________________________
[1] الفقه 15/253.[2] الفقه 15/260.[3] المعتبر ص 94.[4] الذكرى ص 70.
[ 77 ]
وقال يوسف البحراني معلقاً على روايات تحريم النياحة بما نصه: "وأكثر الأصحاب الإعراض عن هذه الأخبار وتأويلها بل تأويل كلام الشيخ أيضاً بالحمل على النوح المشتمل على شيء من المناهي كما هو ظاهر سياق الحديث الأول. قال في الذكرى بعد نقل القول بالتحريم عن الشيخ وابن حمزة: والظاهر أنهما أرادا النوح بالباطل أو المشتمل على المحرم كما قيده في النهاية، ثم نقل جملة من أخبار النهي، وقال: وجوابه الحمل على ما ذكرناه جمعاً بين الأخبار، ولأنّ نياحة الجاهلية كانت كذلك غالباً، ولأنّ أخبارنا خاصة والخاص مقدّم. أقول: من المحتمل قريباً حمل الأخبار الأخيرة على التقية، فإنّ القول بالتحريم قد نقله في المعتبر عن كثير من أصحاب الحديث من الجمهور"[1].وتقييد الشيخ له في النهاية إن صح ما نقله البحراني عنه مردود بإقرار الشيخ نفسه بإجماع طائفته على تحريمه.فماذا تنتظر بعد هذا أيها الشيعي المنصف؟!!
_________________________
[1] الحدائق 4/168.
[ 78 ]
المبحث الثاني : حرمة اللطم
من الأدلة التي تدين الشيعة على هذه البدعة الشنيعة قول الإمام الباقر: "أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل، ولطم الوجه والصدر، وجز الشعر من النواصي، ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر، وأخذ في غير طريقه"[1].ومنها قول الصادق رحمه الله تعالى: "من ضرب يده على فخذه عند المصيبة حبط أجره"[2]أقول: فما بالك بمن يلطم وجهه وصدره، ألا يحبط ذلك الأجر من باب أولى لمخالفته لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب"[3].وقد ذكر الدكتور محمد التيجاني السماوي الشيعي أنه سأل الإمام محمد باقر الصدر عن هذا الحديث فأجابه بقوله: "الحديث صحيح لا شك فيه"[4]. ومنها ما جاء عن يحيى بن خالد أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: ما يحبط الأجر في المصيبة؟ قال: تصفيق الرجل يمينه على شماله، والصبر عند الصدمة الأولى، من رضي فله الرضا، ومن سخط فله
__________________________
[1] رواه الكليني في الكفي 3/222-223 وذكره الفقيه الأكبر محمد بن مكي العاملي الملقب بالشهيد الأول في ذكرى الشيعة ص 71 والفيض الكاشاني في الوافي 13/87 والحر العاملي في وسائل الشيعة 2/915 والمجلسي في بحار الأنوار 82/89 والبحراني في الحدائق 4/167 والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 3/483-484 والنجفي في جواهر الكلام 4/371.[2] تجد هذا الحديث في الكافي 3/225 وذكرى الشيعة ص 71، والوسائل 2/914.[3] مستدرك الوسائل 1/144 وجامع أحاديث الشيعة 3/489 وهو في جواهر الكلام 4/370.[4] ثم اهتديت ص 58.
[ 79 ]
السخط ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنا برىء ممن حلق وصلق أي حلق الشعر ورفع صوته"[1].ومنها ما رواه جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث المناهي أنه نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها ونهى عن تصفيق الوجه"[2].وقال محمد بن مكي العاملي: "يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً قاله في المبسوط ولما فيه من السخط لقضاء الله"[3].وقال الشيرازي: "وعن المنتهى يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور"[4].ويشير الدكتور الشيعي محمد التيجاني السماوي إلى بكاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم على عمه أبي طالب وحمزة وزوجته خديجة فيقول: "ولكنه في كل الحالات يبكي بكاء الرحمة… ولكنه نهى أن يخرج الحزن بصاحبه إلى لطم الخدود وشق الجيوب فما بالك بضرب الأجسام بالحديد حتى تسيل الدماء؟"[5].
___________________________
[1] جامع أحاديث الشيعة 3/489 ومستدرك الوسائل 1/144.[2] رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه 4/3-4 والمجلسي في بحار الأنوار 82/104 والحر العاملي في وسائل الشيعة 12/91.[3] في الذكرى ص 72 ونقله صاحب الجواهر في 4/367.[4] الفقه 15/260.[5] في كتابه كل الحلول ص 151. وعلى التيجاني أن يبين أن هذا وقت المصيبة وليس إحياءاً لها، فالشيعة لا يكتفون بالمخالفة بل بإحيائها أيضاً.
[ 80 ]
ثم يذكر التيجاني أنّ أمير المؤمنين علياً لم يفعل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يفعله عوام الشيعة[1] اليوم وكذلك لم يفعل الحسن والحسين والسجاد الذي قال فيه التيجاني: " إنه حضر محضراً لم يحضره أحد من الناس وشاهد بعينيه مأساة كربلاء التي قتل فيها أبوه وأعمامه وأخوته كلهم، ورأى من المصائب ما تزول به الجبال ولم يسجل التاريخ أنّ أحد الأئمة عليهم السلام فعل شيئاً من ذلك، أو أمر به أتباعه وشيعته[2]. وقال أيضاً: "أغلب أهل السنة والجماعة ينتقدون أفعال الشيعة التي يقومون بها بمناسبة عاشوراء من ضرب وتطبير بالسلاسل والحديد حتى تسيل الدماء… ورغم أنّ الشيعة في الهند والباكستان يفعلون ذلك وأكثر من غير ذلك، غير أنّ وسائل الإعلام المرئية كالتلفزيون لا تركز إلا على شيعة إيران لحاجة في نفس يعقوب يعرفها كل متتبع للأحداث، وكل مهتم بشؤون الإسلام والمسلمين"[3]. ويضيف التيجاني السماوي المتعصب قائلا: والحق يُقال: إنّ ما يفعله بعض الشيعة من تلك الأعمال ليست هي من الدين في شيء، ولو اجتهد المجتهدون، وأفتى بذلك المفتون، ليجعلوا فيها أجراً كبيراً وثواباً عظيماً، وإنما هي عادات وتقاليد وعواطف تطغى على أصحابها، فتخرج بها عن
______________________
[1] ما يفعله الشيعة هو بناءاً على فتاوى كبار علمائهم وقد سبق أن نقلنا بعض هذه الفتاوى حيث لا يوجد منكر لذلك من علمائهم عل حد كلام آيتهم مرتضى الفيروز أبادي. راجع مقبل الحسين لمرتضى عياد ص 170 ط دار الزهراء.[2] كل الحلول عند آل الرسول صلى الله عليه وسلم ص 151. أقول الحمد لله الذي أنطق هذا المعتوه فاعترف بأن ما يقوم به الشيعة لم يسجله التاريخ عن أحد من الأئمة الذين ينتسبون إليهم.[3] كل الحلول ص 147-148.
[ 81 ]
المألوف وتصبح بعد ذلك من الفولكلور الشعبي الذي يتوارثه الأبناء عن الآباء في تقليد أعمى وبدون شعور، بل يشعر بعض العوام بأنّ إسالة الدم بالضرب هي قربة لله تعالى، ويعتقد البعض منهم بأن الذي لا يفعل ذلك لا يحب الحسين"[1]. وقال أيضاً: "لم أقتنع بتلك المناظر التي تشمئز منها النفوس وينفر منها العقل السليم[2]، وذلك عندما يعرّى الرجل جسمه ويأخذ بيده حديداً ويضرب نفسه في حركات جنونية صائحاً بأعلى صوته حسين حسين، والغريب في الأمر والذي يبعث على الشك أنك ترى هؤلاء الذين خرجوا عن أطوارهم وظننت أنّ الحزن أخذ منهم كل مأخذ فإذا بهم بعد لحظات وجيزة من انتهاء العزاء تراهم يضحكون ويأكلون الحلوى ويشربون ويتفكهون وينتهي كل شيء بمجرد انتهاء الموكب، والأغرب أنّ معظم هؤلاء غير ملتزمين بالدين، ولذلك سمحت لنفسي بانتقادهم مباشرة عدة مرات وقلت لهم: إنّ ما يفعلونه هو فلكلور شعبي وتقليد أعمى"[3]. هذا ما أقر به هذا المتعصب المحترق الذي تخصص في الطعن في
________________________
[1] كل الحلول ص 148.[2] قال آية الله العظمى مرتضى الفيروز أبادي فيما مر نقله: "إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عليه سيرة الشيعة في العصور السابقة والأزمنة الماضية وفيها الأعاظم والأكابر من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين ولم ولن يسمع أن أحداً منهم أنكر ذلك ومنع ولو فرض أن هناك من منع لشبهة حصلت له أو لاعوجاج في السليقة فهو نادر(مقتل الحسين لمرتضى عياد عياد ص 188-189ط 1996 م ص 170ط الزهراء) فمعنى ذلك أن كبار علمائكم قد أجمعوا على إباحة ما تشمئز منه النفوس وتنفر منه العقول السليمة فهل ستعيد أيها التيجاني ترتيب أوراقك.[3] كل الحلول ص 149.
[ 82 ]
معتقدات أهل السنة والجماعة وقريب منه قول الشيخ حسن مغنية: "والواقع أنّ ضرب الرؤوس بالخناجر والسيوف وإسالة الدماء ليست من الإسلام في شيء، ولم يرد فيها نص صريح ولكنها عاطفة نبيلة تجيش في نفوس المؤمنين لما أريق من الدماء الزكية على مذابح فاجعة كربلاء"[1].
ولا ندري كيف نوفق بين قول حسن مغنية: ( إنّ ضرب الرؤوس بالخناجر والسيوف.. ليست من الإسلام في شيء ولم يرد فيها نص صريح ) وبين قوله: ( ولكنها عواطف نبيلة… ) ألا يدرك حسن مغنية أنّ هذه الأمور من المنكرات والبدع الشنيعة ؟
___________________
[1] آداب المنابر ص 182.
المبحث الثالث : لبس السواد في عاشوراء
ويقوم الشيعة بلبس السواد في عاشوراء مع ما رووه من أنه لباس أهل النار، فقد سئل الإمام عن الصلاة في القلنسوة السوداء؟ فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار"[1]. ورووا عن أمير المؤمنين علي فيما علم أصحابه أنه قال: "لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون"[2]. ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره السواد إلا في ثلاثة العمامة والخف والكساء[3].
_____________________
[1] من لا يحضره الفقيه 1/162، وسائل الشيعة 3/281، نجاة الأمة ص85.[2] فقيه من لا يحضره الفقيه 1/163، وسائل الشيعة 3/278، نجاة الأمة ص 84.[3] من لا يحضره الفقيه 1/163، نجاة الأمة ص 84.
[ 83 ]
وعن جبرئيل عليه السلام أنه هبط على رسول الله r في قباء أسود ومنطقة فيها خنجر، فقال صلى الله عليه وآله: ما هذا الزي؟ فقال: زي ولد عمك العباس يا محمد، ويل لولدك من ولد عمك العباس. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس فقال: يا عم ويل لولدي من ولدك. فقال يا رسول الله أفأجب نفسي؟ قال: جرى القلم بما فيه"[1].
قال شيخهم الحاج محمد رضا الحسيني الحائري: "المشهور بين أصحابنا الإمامية شهرة عظيمة، بل المدعى عليه الإجماع كما في الخلاف، كراهة لبس الثياب السود في الصلاة، بل مطلقا، إلاَّ في الخف والعمامة والكساء، وفي المعتبر الاقتصار على استثناء العمامة والخف ونسب ذلك إلى الأصحاب،وفي المنتهى نسبته إلى علمائنا، وعليه اقتصر في الشرايع والقواعد والإرشاد وفي الدروس، وعن اقتصار المفيد وسلار وابن حمزة الاقتصار على العمامة فقط، وعن الذكرى عدم الاستثناء في كلام كثير من الأصحاب، وفي كشف اللثام أن الكساء لم يستثنه أحد من الأصحاب إلا ابن سعيد"[2].
ويختتم الحائري كلامه بقوله: "هذه هي الروايات التي استدل بها الأصحاب لكراهة لبس الثياب السود والصلاة فيها مضافا إلى ما عرفت من دعوى الشهرة الإجماع في المسألة"[3].
_________________________
[1] من لا يحضره الفقيه1/163، وسائل الشيعة 3/279 نجاة الأمة ص 84-85. انظر مستدرك الوسائل 1/208.[2] نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة ص 83.[3] المصدر نفسه ص 85.
[ 84 ]
قلت: إذا كانت هذه الروايات رواياتهم، والإجماع إجماعهم، فلماذا يقوم شيعة اليوم بلبس السواد في الأيام العشر الأولى من محرم؟.لماذا لا يحترم الشيعة رواياتهم وإجماع علمائهم؟
المبحث الرابع : كلمة إلى خطيب أباح النياحة واللطم
قال فقيه الشيعة الأكبر محمد بن مكي العاملي والذي يلقبونه بالشهيد الأول: "والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع"[1].وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: "لكن الشيخ في المبسوط وابن حمزة القول بالتحريم مطلقا"[2].وقال الشيرازي: "ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل[3].وقال الشهيد الأول: "يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً قاله في المبسوط ولما فيه من السخط لقضاء الله"[4].وقال الشيرازي: "وعن المنتهى يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور"[5].
_________________________
[1] الذكرى ص 72.[2] الفقه 15/253.[3] الفقه 15/260.[4] الذكرى ص 77، الجواهر 4/367.[5] الفقه 15/260.
[ 85 ]
وقال هاشم الهاشمي في حواره مع فضل الله: "نعم ذهب ابن حمزة والشيخ إلى حرمة النياحة وادعى الشيخ الإجماع عليها في مبسوطه"[1]. وقال أيضاً: "نعم ورد النهي عن النياحة في جملة من الأخبار… "[2].فهذه نصوص علمائكن تحرم النوح والعويل واللطم بالإجماع اعتماداً على نصوص شرعية سقنا بعضها فلماذا تقام الحسينيات والمأتم وتضرب بهذا الإجماع عرض الجدار؟!. ثم اسمع أيها الخطيب كيف يتربى أهل البيت رضي الله عنهم ويربون أصحابهم على الصبر والاسترجاع لا على النوح والعويل كما تفعل أنت في المآتم والحسينيات. عن موسى بن جعفر رحمه الله قال: نعي إلى الصادق جعفر بن محمد
______________________________
[1] حوار مع فضل الله حول الزهراء ص 231.[2] المصدر نفسه ص 232 وقد ضعف إحدى هذه الروايات، وفاته أن هذه الرواية في الكافي وقد أوردناها في فصل حرمة اللطم والكافي هو أحد الكتب الأربعة عندهم وبما أنه يستشهد ويأنس برأي عبد الحسين شرف الدين فعبد الحسين هذا حكم بصحة جميع ما في كتبهم الأربعة ومنها الكافي وإليك كلامه بنصه كما في المراجعات المراجعة 110 قال: "الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها والكافي أقدمها وأحسنها وأتقنها". والغريب من عبد الحسين زعمه أن الأئمة أمروا اتباعهم بالندب والعويل مع أن النهي عنها جاء في مصادر يعتقد صحة ما فيها !!!. وما هو رده على ما رواه المجلسي في بحار الأنوار[6/33،219و 63/99 و79/247] عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: "كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى وأول من حدا… ؟" !!! وما هو رده على باقي الروايات؟ وما هو رده على اعتراف التيجاني بأن ما يقومون به في هذه المآتم من أعمال مما تشمئز منه النفوس وتنفر منه العقول؟
[ 86 ]
إسماعيل بن جعفر وهو أكبر أولاده وهو يريد أن يأكل، وقد اجتمع ندماؤه فتبسم ثم دعا بطعامه، وقعد مع ندمائه وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام، ويحث ندماءه، ويضع بين أيديهم، ويعجبون منه أن لا يرون للحزن أثراً، فلما فرغ قالوا: يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا، أصبت بمثل هذا الابن وأنت كما ترى. قال: وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاء في خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم، إن قوماً عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ولم ينكروا من يخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل"[1].أرأيت بعد هذا براءة أهل البيت رضي الله عنهم مما يدور في هذه المأتم.
_________________________
[1] عيون أخبار الرضا 2/2، بحار الأنوار 82/128، جامع أحاديث الشيعة 3/511.
المبحث السادس: من الكاذب محمد باقر الصدر أم التيجاني ؟
نقل الدكتور محمد التيجاني السماوي الشيعي عن شيخهم آية الله محمد باقر الصدر أنه قال له: "إن ما تراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم، ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء، بل هم دائبون على منعه وتحريمه"[1].فيا لله العجب! آية الله مرتضى الفيروز آبادي يقول فيما مر نقله: "إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عليه سيرة الشيعة …. ولم يسمع ولن يسمع أن أحداً منهم –أي علماءهم- قد أنكر ذلك ومنع…" والصدر يقول: إن علماءهم دائبون على منعه وتحريمه فهل كذب الصدر أم أن التيجاني افترى عليه؟! والذي أراه أن مصدر الكذب هنا هو التيجاني لأنه يذكر أنه سأل محمد باقر الصدر عند زيارته النجف هذا السؤال: "لماذا يبكي الشيعة ويلطمون ويضربون أنفسهم حتى تسيل الدماء وهذا محرم في الإسلام فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم "ليس منَّا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية؟ فأجابه محمد باقر الصدر كما نقله التيجاني نفسه: " الحديث صحيح لا شك فيه ولكنه لا ينطبق على مآتم أبي عبد الله، فالذي ينادي بثأر الحسين ويمشي على درب الحسين دعوته ليست دعوى جاهلية،
______________________________
[1] كل الحلول عند آل الرسول للتيجاني ص 150.
[ 92 ]
ثم إن الشيعة بشر فيهم العالم وفيهم الجاهل ولديهم عواطف، فإذا كانت عواطفهم تطغى عليهم في ذكرى استشهاد أبي عبد الله وما جرى عليه وعلى أهله وأصحابه من قتل وهتك وسبي فهم مأجورون لأن نواياهم في سبيل الله"[1]،[2]. فالرجل يعترف بصحة الحديث الذي ينهى عن لطم الخدود وشق الجيوب فيرده مكابراً راداً على رسول اله صلى الله عليه وآله، زاعماً أنه لا ينطبق على منكرات أتباعه وبدعهم، والتيجاني يدعي أنه وعلماء الشيعة يحرمونها. فمن الكاذب ؟
_______________________________
[1] ثم اهتديت للتيجاني ص 58.[2] لو كانت نواياهم في سبيل الله لسمعوا وأطاعوا المصطفى صلى الله عليه وأله وسلم في نهيه لهم ولأمثالهم بقوله: "ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب" وكلام الصدر هنا غريب فقد اعترف بصحة الحديث وعدم تطرق الشك إليه لكنه عاد فالتف على الحديث الذي اعترف بصحته بقوله: ولكنه لا ينطبق على مآتم أبي عبد الله" وانتهى إلى أن الشيعة مأجورون على هذه العواطف التي طغت على نهي النبي صلى الله عليه وسلم. نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
المبحث السابع : التيجاني يعود إلى الكذب مرة أخرى
قال التيجاني: "ولا يخفى أن كثيراً من العلماء كمحسن الأمين، واليوم سماحة السيد القائد علي الخامنئي، وآية الله محمد حسين فضل الله، وكثير من العلماء أفتوا بعدم جوازها… "[1].
___________________________
[1] كل الحلول عند آل الرسول ص 153.
[ 93 ]
قلت: إن الكذب الذي طبع عليه التيجاني في سائر مؤلفاته التي اطلعنا عليها يدخل عنده في باب التقية التي يؤجر الشيعي عليها، فهو يريد أن يلمع صورة التشيع أمام المسلمين لأن كتبه توزع بكثرة [2] في أوساط أهل السنة والجماعة فكلامه الذي أمامك كذب مفضوح فاخامنئي ( وهو مرشد الثورة ) أجاز فيما مر نقله ما نفاه عنه هذا التيجان الأفاك. أما محمد حسين فضل الله فقد نقلنا لك تجويزه للطم الذي قيده بالهادىء، وفي مناسبة أخرى قال: له اللطم بحسب الولاء. ولك بعد هذا أن تحكم على التيجاني بما تراه. وأما قوله ( وكثير من العلماء أفتوا بعدم جوزاها ) فكذب مفضوح، لأن آيتهم مرتضى الفيروز آبادي أضاع الفرصة على التيجاني دون تمرير كذبته وذلك بقوله: ( ولم يسمع ولن يسمع أن أحداً منهم – يعنى أعاظم وكبار علمائهم المتقدمين والمتأخرين- قد أنكر ذلك ومنع…) فهل نصدق التيجاني الذي تكذبه النصوص والفتاوى أم كبار علمائهم؟
_________________________
[2] وقد رد عليه غير واحد من أهل السنة فبينوا بالأدلة الدامغة كذبه وتدليسه منهم الشيخ عثمان الخميس في "كشف الجاني" خالد العسقلاني في "بل ضللت" ثم الدكتور إبراهيم الرحيلي في الانتصار للصحب والآل.
[ 94 ]
المبحث الثامن : الشيعة وإنكارهم صوم عاشوراء
الشيعة ينكرون صيام هذا اليوم ويتهمون الأمويين بوضع الروايات التي تحث على صومه، وقد ألف أحدهم وهو المدعو جمال الدين بن عبد الله كتابا بعنوان "صيام عاشوراء" جمع فيه الروايات التي تتعرض لصوم هذا اليوم أمراً أو نهياً، وحاول الانتصار فيه لمذهبه، وما أفلح الرجل.لقد حشد الروايات التي تنهى عن صوم هذا اليوم. أنقل لك طائفة منها وهي ولله الحمد متعارضة متناقضة يكذب بعضها بعضاً.
من هذه الروايات : ما رووه عن الرضا أنه سئل عن صوم يوم عاشوراء وما يقول الناس فيه؟ فقال: عن صوم ابن مرجانة تسألني! ذلك اليوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين عليه السلام، وهو يوم يتشايع به آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويتشايع به أهل الإسلام واليوم الذي يتشايع به أهل الإسلام لا يصام ولا يتبرك به، ويوم الاثنين يوم نحس قبض الله فيه نبيه صلى الله عليه وسلم، وما أصيب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا في يوم الاثنين… فمن صامهما أو تبرك بهما لقي الله تبارك وتعالى ممسوخ القلب، وكان محشره مع الذين سنوا صومهما والتبرك بهما"[1].وما رووه عن زيد النرسي قال: سمعت عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: من صامه كان حظه من صيام ذلك اليوم حظ ابن مرجانة وآل زياد. قال: قلت: وما كان حظهم من ذلك اليوم؟ قال: النار أعاذنا الله من النار، ومن عمل يقرب من النار"[2]. وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: لا تصم في يوم
_________________________
[1] صيام عاشوراء ص 117- 118.[2] صيام عاشوراء ص 118.
[ 95 ]
عاشوراء ولا عرفة بمكة[1]. وعن نجية قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء؟فقال: صوم متروك بنزول رمضان، والمتروك بدعة. قال نجية: فسألت أبا عبد الله عليه السلام من بعد أبيه عليه السلام عن ذلك؟ فأجابني بمثل جواب أبيه. ثم قال: أما إنه صوم يوم ما أنزل به كتاب ولا جرت به سنة إلا سنة آل زياد بقتل الحسين بن علي عليهما السلام"[2].فلاحظ أخي القارىء الكريم أن الرواية الأولى تصرح بأن عاشوراء يوم صامه آل زياد، وفي رواية أوردها المؤلف المذكور عن جعفر الصادق منها… لما قتل الحسين عليه السلام تقرب الناس بالشام إلى يزيد فوصفوا له الأخبار وأخذوا عليه الجوائز من الأموال فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم وأنه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور… "[3].ومثلهما الروايتان الثانية والثالثة وأما الرواية الرابعة فتنسف الروايتين السابقتين مؤكدة أن صيام هذا اليوم موجود قبل وجوب شهر رمضان أي أن صيام هذا اليوم موجود قبل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فانظر أخي القارىء كيف ينسف الباطل بعضه بعضاً.
_____________________________
[1] صيام عاشوراء ص 114.[2] صيام عاشوراء ص 144.[3] صيام عاشوراء ص 122 ثم ذكر في الصفحة 188 رواية عن الصادق جاء فيها:…… إن آل أمية نذروا نذراً إن قتل الحسين عليه السلام أن يتخذوا ذلك اليوم عيداً لهم يصومون فيه شكراً ويفرحون أولادهم فصارت في آل أبي سفيان سنة إلى اليوم فلذلك يصومونه… الخ.
[ 96 ]
كما أنكر المدعو/ محمد التيجاني السماوي صوم عاشوراء ونسب إلى الأمويين صيام هذا اليوم. قال السماوي: "ويتبين لنا أيضا بأن أهل السنة والجماعة يحتفلون بيوم عاشوراء لأنهم اتبعوا سنة يزيد بن معاوية وبني أمية في احتفالهم بذلك اليوم، لأنهم انتصروا فيه على الحسين وأخمدوا ثورته التي كانت تهدد كيانهم، وقطعوا بذلك دابر الشغب على حد زعمهم… وتقرَّب إليهم علماء السوء من أهل السنة والجماعة فوضعوا لهم أحاديث في فضل ذلك اليوم، وأن عاشوراء هو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وهو اليوم الذي رست فيه سفينة نوح على جبل الجودي، وهو اليوم الذي كانت فيه النار برداً وسلاماً على إبراهيم، وهو اليوم الذي خرج فيه يوسف من السجن ورد فيه بصر يعقوب، وهو اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون، وهو اليوم الذي نزلت فيه على عيسى مائدة من السماء… وقد أمعنوا في الكذب عندما رووا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هاجر إلى المدينة فصادف دخوله إليها يوم عاشوراء فوجد يهود المدينة صياماً فسألهم عن السبب قالوا: هذا اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم نحن أولى بموسى منكم، ثم أمر المسلمين بصوم عاشوراء وتاسوعاء لمخالفة اليهود. وهذا كذب مفضوح[1].ويتهجم على أهل السنة معارضاً صوم يوم عاشوراء، زاعماً أنه يومٌ سنَّه الأمويون لطمس ذكرى قتل الحسين رضي الله عنه. وذلك في شريط
________________________
[1] الشيعة هم أهل السنة للتيجاني ص 301-302 نشر شمس المشرق بيروت ومؤسسة الفجر بلندن، وردد هذه الأكاذيب في كتابه "فسيروا في الأرض" ص276.
[ 97 ]
مسجل بصوته في كلام طويل منه قوله: "في حين أن روايات أهل البيت عليهم السلام تحرم صيام هذا اليوم".
اسمع أيها التيجاني: إننا لا ندينك ولا نلزمك إلا بروايات شيعية محضة تأخذك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك… إن شاء الله تعالى، فهذا شيخ طائفتك على الإطلاق أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي يروي في كتابيه "تهذيب الأحكام" و"الاستبصار" وهما من أصولكم الأربعة التي قال فيها عبد الحسن شرف الدين العاملي وهو أحد أساطينكم: "الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها"[1]. يروي عن أبي عبد الله علي السلام عن أبيه أن عليا عيهما السلام قال: "صوموا العاشوراء-هكذا- التاسع والعاشر فإنه يكفر ذنوب سنة"[2].وروى عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: "صام رسول الله صلى عليه وآله يوم عاشوراء"[3].
_______________________
[1] المراجعات: المراجعة 110 ص 311.[2] أخرج الطوسي هذه الرواية في تهذيب الأحكام 4/299، وفي الاستبصار 2/134 وأخرجها الفيض الكاشاني في الوافي 7/13 والحر العاملي في وسائل الشيعة 7/337، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة 9/474-475 وذكرها جمال الدين في صيام عاشوراء ص 112. [3] تهذيب الأحكام 4/29 والاستبصار 2/134 والفيض الكاشاني في الوافي 7/13 والحر في وسائل الشيعة 7/337 وهو في جامع أحاديث الشيعة 9/475 وكذلك في الحدائق الناضرة 13/370-371 وذكره جمال الدين في صيام عاشوراء ص 112.
[ 98 ]
وروي عن جعفر عن أبيه علي السلام أنه قال: "صيام يوم عاشوراء كفارة سنة"[1]. وعن الصادق رحمه الله قال: من أمكنه صوم المحرم فإنه يعصم صاحبه من كل سيئة"[2].وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن أفضل الصلاة بعد الصلاة الفريضة الصلاة في جوف الليل وإن أفضل الصيام من بعد شهر رمضان صوم شهر الله الذي يدعونه المحرم"[3]. أرأيت بعد هذا أيها التيجاني أن الذي سن صيام يوم عاشوراء هو المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا الأمويون كما تزعم أنت آثما مفتريا على الله وعلى رسوله وعلى المؤمنين.
أرأيت افتراءك على أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما زعمت أنهم يحرمون صوم هذا اليوم.وعن علي رضي الله عنه قال: صوموا يوم عاشوراء التاسع والعاشر احتياطاً فإنه كفارة السنة التي قبله وإن لم يعلم به أحدكم حتى يأكل فليتم
________________________
[1] في تهذيب الأحكام 4/300 والاستبصار 2/134 وجامع أحاديث الشيعة 9/475 وهو في الحدائق الناضرة 13/371 وذكره جمال الدين في صيام عاشوراء ص 112، والوافي للكاشاني 7/13 والحر في وسائل الشيعة 7/337.[2] أخرج هذه الرواية الحر في وسائل الشيعة 7/347 والبحراني في الحدائق الناضرة 13/377 والحاج آقا حسين بروجردي في جامع أحاديث الشيعة 9/474.[3] المصادر السابقة في المواضع نفسها.
[ 99 ]
صومه"[1]. أرأيت أيها المفتري حرص أمير المؤمنين علي رضوان الله عليه على صوم هذا اليوم الذي تحاول أنت وأضرابك حرمان المسلمين من أجره فانظر كيف أنه أمر من أكل في هذا اليوم أن يمسك ويتم صومه.وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا رأيت هلال المحرم فاعدد فإذا أصبحت من تاسعه فأصبح صائماً قلت ( أي الراوي ): كذلك كان يصوم محمد صلى الله عليه وآله قال: نعم"[2].
وأما إنكاره وتحامله على علماء أهل السنة بأنهم وضعوا على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا اليوم هو الذي تاب الله فيه على آدم وهو اليوم الذي رست فيه سفينة نوح … فدليل على جهله أو تجاهله بل وقلة علمه، فهذا شيخ طائفته أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي يروي عن أبي جعفر رحمه الله قال: " لزقت السفينة يوم عاشوراء على الجودي فأمر نوح عليه السلام من معه من الجن والإنس أن يصوموا ذلك اليوم. قال أبو جعفر عليه السلام: أتدرون ما هذا اليوم؟ هذا اليوم الذي تاب الله عز وجل فيه على آدم وحواء،وهذا اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل فأغرق فرعون ومن معه، وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى عليه السلام فرعون
_____________________________
[1] أخرج هذه الرواية المحدث الشيعي الحاج حسين النوري الطبرسي في مستدرك الوسائل 1/594 والحاج البروجردي في جامع أحاديث الشيعة 9/475.[2] أخرج هذه الرواية الشيخ الشيعي رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاووس في كتابه إقبال الأعمال ص 554 والحر العاملي في وسائل الشيعة 7/347 والحاج النوري الطبرسي في مستدرك الوسائل 1/594 وهو في جامع أحاديث الشيعة9/475.
[ 100 ]
وهذا اليوم الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام، وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس، وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى ابن مريم..."[1]. ورواه الشيعي رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر ابن طاوس قائلاً: " ووردت أخبار كثيرة بالحث على صيامه"[2]. وذكر هذه الرواية الحر العاملي[3] والنوري الطبرسي[4] حسين البروجردي[5] يوسف البحراني[6]. وروى النوري الطبرسي عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: "أوفت السفينة يوم عاشوراء على الجودي فأمر نوح من معه من الإنس والجن بصومه، وهو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم عليه السلام"[7].فهل هذه أيضاً من الروايات التي يرددها أهل السنة والجماعة؟!
وروى الصدوق في المقنع: أنه في عشر من المحرم وهو يوم عاشوراء أنزل الله توبة آدم، وفيه استوت سفينة نوح على الجودي، وفيه عبر موسى البحر، وفيه ولد عيسى ابن مريم عليه السلام، وفيه أخرج الله يونس من بطن الحوت، وفيه أخرج الله يوسف من بطن الجب، وفيه تاب الله على قوم
__________________________
[1] تهذيب الأحكام للطوسي 4/300.[2] في إقبال الأعمال ص558 ط دار الكتب الإسلامية بطهران.[3] وسائل الشيعة 7/338.[4] ذكرها النوري في مستدرك الوسائل 1/594.[5] جامع أحاديث الشيعة 9/475 – 476.[6] في الحدائق الناضرة 13/371 كما ذكرها الشيخ جمال الدين بن عبد الله في صيام عاشورا ص112 – ص113.[7] أورد النوري الطبرسي هذه الرواية في مستدرك الوسائل 1/594 فراجعها لتعلم أن المنكرين لا أمانة علمية عندهم.
[ 101 ]
يونس، وفيه قتل داود جالوت، فمن صام ذلك اليوم غفر له ذنوب سبعين سنة وغفر له مكاتم عمله”[1]. وفي حديث الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلام في عداد الصوم الذي صاحبه بالخيار: صوم عاشوراء[2]. ومثله المروي في الفقه الرضوي[3]. فماذا يقول التيجاني بعد هذا؟!!
هذا وعلى التيجاني أن يعلم أن روايات صوم عاشوراء جاءت من طرق الشيعة بأسانيد معتبرة، في حين جاءت الروايات الناهية عن صومه بأسانيد ضعيفة، وقد اعترف بهذا شيخهم الحاج السيد محمد رضا الحسيني الحائري في كتابه “نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة" صفحة 145، 146، 148 طبع قم إيران 1413هـ. فماذا يقول بعد ذلك؟. وما رد الدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس القائل: إن أجهزة الدعاية الأموية قلبت الحقائق، وحولت يوم الكارثة إلى يوم عيد وسرور، وهو الذي ما زال متداولاً إلى يومنا هذا"[4] فهل الطوسي والصدوق والحر العاملي والنوري الطبرسي وابن طاوس
___________________________
[1] المقنع للصدوق ص101 ، صام عاشوراء ص113 مختصرة.[2] الهداية للصدوق ص303.[3] صيام عاشوراء ص113.[4] على خطى الحسين ص106 لاحظ جرأة الرجل فهل يوجد سني على وجه الأرض اتخذ يوم قتل الحسين عيداً؟!!
[ 102 ]
الذين رووا فضل صوم عاشوراء من العاملين والمروجين للدعاية الأموية التي قلبت الحقائق؟
لماذا تردّد الأكاذيب أيها الدكتور؟ لماذا لا تنصف أهل السنة وتبيّن للشيعة أن أهل السنة يصومون هذا اليوم اقتداءً بنبيّهم محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم بروايات صحيحة عند الفريقين السنة والشيعة، اعترف شيخكم ابن طاوس بكثرتها؟! وإذا كنت ساخطاً على أهل السنة لعدم اتخاذهم يوم قتل الحسين رضي الله عنه حزناً كما هو حال الشيعة، فيُرد عليك من وجهين: الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر باتخاذ هذا اليوم حزناً ونياحة كما يفعل الشيعة، بل إنه صلوات الله وسلامه عليه نهى عن هذا بقوله صلى الله عليه وسلم:"النياحة من عمل الجاهلية " وهذا حديث متفق على صدوره بين الفريقين، وقد سقناه مع غيره في فصل "حرمة النياحة " فراجعه. ثم إنّ أعظم مصيبة أصيب بها المسلمون هي موت النبي صلى الله عليه وسلم بنص حديثه صلى الله عليه وسلم: "من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب" [1].
_________________________
[1] وهذا حديث متفق عليه بين الفريقين رواه الكليني في الكافي 3/220 والحر العاملي في وسائل الشيعة 2/911 واللفظ للثاني فراجع هذين المصدرين تجد تخريجهما للحديث بألفاظ متقاربة.
[ 103 ]
ومع هذا لم يتخذ المسلمون يوم وفاته حزناً ونياحة رغم أنها أكبر المصائب، وكذلك وفاةالصديق وقتل الفاروق وذي النورين وعلي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين لم يتخذ المسلمون وفاتهم حزناً ونياحة كما يفعل الشيعة.فلماذا لم يحي الشيعة يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهي أعظم من مصيبة قتل الحسين رضي الله عنه؟!!لماذا لم يقم الحسن والحسين مأتماً سنوياً بمناسبة قتل أبيهما علي رضي الله عنهم جميعاً؟!!أليس أبو الحسن خيراً من الحسن والحسين[*]؟!!إن أبناء جلدتك هم الذين دعوه فخذلوه ثم قتلوه، فهذا سبط رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبدالله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج، ليس معه ذمام، فتفرق الناس عنه وأخذوا يميناً وشمالاً حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه، ونفر يسير ممن انضمّوا إليه"[1].فأسلافك هم الذين دعوه فخذلوه.
ألم تقل أيها الدكتور: "... فالشيعة مسلمون ... والمنصف هو من
__________________________
[*] راجع مبحث "الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة".[1] نقل هذا عبد الحسين شرف الدين في المجالس الفاخرة ص85 وقد مر نقله عنه وعن غيره فراجع.
[ 104 ]
يعود إلى كتبهم العقيدية ليطلع على أفكارهم وعقائدهم لا أن يقرأ كتب خصومهم التي تحتوي على الافتراءات والأكاذيب بما لا يرتضيه دين ولا يقر به عاقل منصف" [1].وها هي كتب أتباعك تثبت سنة صوم عاشوراء وتنهى عن النياحة وأنتم تخالفونها.وها هي تأمر بصوم عاشوراء وأنتم تلصقونه بالأمويين.وأما خصوم الشيعة، وحسبك تهمة تحريف القرآن، فإن عمدتهم الروايات المتواترة والتي صرح كباركم بأنها معلومة من دينكم بالضرورة وأن ردّها ودفعها يستلزم دفع جميع الأخبار ولا أظنك ممن يجهل هذا ولكنها التقية التي قال عنها إمامك الخميني: "... ولولا التقية لصار المذهب في معرض الزوال والانقراض"[2].والتي قال عنها جعفر الصادق رحمه الله – كما نسبتموه له!! - : "إنّكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله"[3].وفي رواية عنه Lليس من شيعة علي من لا يتقي"[4].وروى الكليني والكاشاني عن أبي عبدالله رحمه الله قال: "من استفتح
__________________________
[1] الطريق إلى مذهب أهل البيت ص 27[2] الرسائل للخميني 2/185.[3] الكافي 2/222 ، والرسائل 2/185.[4] جامع الأخبار للشعيري ص95.
[ 105 ]
نهاره بإذاعة سرنا سلّط الله عليه حر الحديد وضيق المجالس"[1].وفي رواية عن الصادق: Lليس منّا من لم يلزم التقية"[2].فهل هذا خُلُق من يقول فيصدق في قوله أيها الدكتور؟!!وليس لك أيها الدكتور أن تلوذ وراء جواز التقية عند احتمال الخطر على النفس لأن إمامك الخميني أجازها حتى وإن كان الشيعي آمناً على نفسه قال: " ثم إنه لا يتوقف جواز هذه التقية بل وجوبها على الخوف على نفسه أو غيره بل الظاهر أن المصالح النوعية صارت سبباً لإيجاب التقية من المخالفين فتجب التقية وكتمان السر لو كان مأموناً وغير خائف على نفسه"[3].فكيف يُعرف أيها الدكتور صِدْقُكم من تقيتكم؟فهل لك أن تفيدنا في إجابة هذا السؤال المحيّر؟!!وهل لك أن تجيبنا وتوضّح لنا هذا السر الذي يجب كتمانه؟!!وهل هذه الروايات وما سقناه وأوردناه في هذه الرسالة من كتب خصومكم أم من كتبكم؟!!إن الذي أمر الناس بالنوح والبكاء وإقامة المآتم على الحسين في
_________________________
[1] الكافي 2/372 ، الوافي 3/159.[2] وسائل الشيعة 11/466.[3] الرسائل للخميني 2/201.
[ 106 ]
السكك والأسواق وبالتهنئة والسرور يوم الغدير هو معز الدولة البويهي وكان من علماء الإمامية[1] وليس أهل البيت رضي الله عنهم .. فهل تعلم هذا أيها الدكتور؟!!
أما أهل البيت رضي الله عنهم فقد سمعوا جدّهم صلى الله عليه وسلم يقول:"النياحة من عمل الجاهلية" فهيهات هيهات أن يأمروا بإقامة مآتم تقام بها أعمال الجاهلية.
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها:"إذا أنا مت فلا تخمشي عليّ وجهاً ولا ترخي عليّ شعراً ولا تنادي بالويل والثبور ولا تقيمي عليّ نائحة.."؟!![2].ألم ينقل شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي تحريم النوح إجماعاً"؟[3].هذا بالإضافة إلى تناقض الشيعة في نقل الحوادث ومبالغتهم فيها. فهذا المحامي الشيعي أحمد حسين يعقوب يقول ما نصه: "ولأجل قتل الإمام الحسين وإبادة بيت النبوة جمع عبيدالله ثلاثين ألف مقاتل" [4]. ثم يأتي بعد ذلك لينسف كلامه هذا بما نقله عن الحسين رضي الله عنه أنه قال: "يا أهلي وشيعتي اتخذوا هذا الليل جملاً لكم وانجو بأنفسكم فليس المطلوب غيري ولو قتلوني ما فكروا فيكم فانجو رحمكم الله وأنتم في حل وسعة من
______________________
[1] كما نقل لنا هذا شيخكم محمد باقر الخونساري في روضات الجنات 6/139 ومحدثكم عباس القمي في الكنى والألقاب 2/430.[2] راجع فصل النساء والحسينيات.[3] راجع فصل وقفة مع من أباح النياحة واللطم.[4] كربلاء الثورة والمأساة ص280 . راجع أيضاً ص269 وما بعدها.
[ 107 ]
بيعتي وعهدي الذي عاهدتموني"[1].
فالإمام الحسين يصرّح هنا بأنه هو المطلوب، ولو ظفروا به ما فكروا في غيره، وأنت تقول إن المطلوب إبادة أهل البيت فما الصحيح في كلامك أيها المحامي؟!!
إن الأخبار التي ترددونها في مقتل الحسين رضي الله عنه وعلى ضوئها تطعنون وتسبّون وتحقدون وتتآمرون، هي من الأباطيل والأكاذيب التي لا أساس لها، وقد اعترف بهذا شيخكم ومجتهدكم عبد الحسين الحلي حيث قال: "نعم إن تلك الأخبار غير معلومة الصدق وهكذا جميع الأخبار بلا استثناء وشتان بين معلوم الكذب وبين غير معلوم الصدق، ولو لزم الناس أن لا ينقل أحد منهم إلا الصادق أو معلوم الصدق ولو بالطرق الظاهرية المعروفة في كتب الأصول والحديث لانسَدّ باب نقل الأخبار وبطل الاحتجاج بأقوال المؤرخين"[2].
ثم إن خبر "يا أهلي وشيعتي اتخذوا هذا الليل جملاً .." يناقض ويدحض ما نقله الدكتور أحمد راسم النفيس وغيره من أن الإمام الحسين رضي الله عنه قال لمن عرض عليه عدم اصطحاب نسوته معه وهو أخوه محمد ابن الحنفية عن جدّه المصطفى صلى الله عليه وسلم"إن الله قد شاء أن يرى نسوتك سبايا" [3].
________________________________
[1] كربلاء الثورة والمأساة ص297 وراجع ص295 ، 296 حيث ناقض المحامي نفسه لنتعجب بعد ذلك من تلاعب الحاقدين بالوقائع التاريخية.[2] الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي ص29.[3] على خطى الحسين ص97 ، 101.
[ 108 ]
فليفسر لنا الدكتور النفيس هذين الخبرين المتناقضين. قال عبد الحسين الحلي الشيعي المتعصب جداً:"إن وقائع الطف لم تصل إلينا حتى التي تلقيناها بواسطة المفيد والشيخ والسيد وأضرابهم إلا مرسلة، وأكثر ما يرسل المؤرخون وأوثقهم ابن جرير الطبري عن أبي مخنف وهو لم يحضر الواقعة" [1]. أرأيت أيها الدكتور كيف أنكم ترددون في مآتمكم أخباراً مرسلة غير معلومة الصدق وتخالفون النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه عن النياحة وتتنكرون لصوم عاشوراء رغم ثبوته عندكم. فسر لنا أيها الدكتور كيف رفض الإمام الحسين عليه رضوان الله ورحمته صرف النسوة ثم جاء أخيراً وطلب من الجميع الانصراف وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وآله أن الله شاء أن يرى نسوته سبايا" ؟!!!
_______________________________
[1] الشعائر الحسينية ص27.
[ 109 ]
0 Comments:
Post a Comment
<< Home