النصيحة للمسلمين الشيعة

Thursday, May 04, 2006

الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة

أخي القارئ إن ما يفعله الشيعة في المآتم والحسينيات مثل اللطم والنياحة والتطبير وغيرها لم تكن على عهد الأئمة باعتراف علماء الشيعة، وقد ذكر نجم الدين أبو القاسم الشيعي المعروف بالمحقق الحلي بأن الجلوس للتعزية لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة، وأن اتخاذه مخالف لسنة السلف[1]، وهذا يعني أن المآتم والشعائر الحسينية من البدع التي يجب تركها، كما اعترف بهذا شيخهم آيه الله العظمى جواد التبريزي عندما وجه له هذا السؤال: ما هو رأيكم في الشعائر الحسينية وما هو الرد على القائلين بأنها طقوس لم تكن على عهد الأئمة الأطهار عليهم السلام فلا مشروعية لها؟ فأجاب: "كانت الشيعة على عهد الأئمة عليهم السلام تعيش التقية وعدم وجود الشعائر في وقتهم لعد إمكانها لا يدل على عدم المشروعية في هذه الأزمنة، ولو كانت الشيعة في ذاك الوقت تعيش مثل هذه الأزمنة من حيث إمكانية إظهار الشعائر وإقامتها لفعلوا كما فعلنا، مثل نصب الأعلام
_______________________
[1] المعتبر ص 94 وسيأتي كلامه بنصه.
[ 54 ]
السوداء على أبواب الحسينيات بل الدور إظهاراً للحزن"[1].وبمثل هذا اعترف علامتهم آية الله العظمى علي الحسيني الفاني الأصفهاني[2] حيث أورد هذه الشبهة:"إنه لم تعهد هذه الأمور في زمن المعصومين عليهم السلام وهم أهل المصيبة وأولى بالتعزية على الحسين عليه السلام، ولم يرد في حديث أمر بها منهم، فهذه أمور ابتدعها الشيعة وسموها الشعائر المذهبية والمأثور أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فأجاب الفاني الأصفهاني بقوله: " والجواب واضح جداً أن ليس كل جديد بدعة إذ البدعة المبغوضة عبارة عن تشريع حكم اقتراحي لم يكن في الدين، ولا من الدين، والروايات الواردة في ذم البدعة والمبتدع ناظرة إلى التشريع في الدين، بل هي واردة مورد حكم العقل بقبح التشريع من غير المشرع بعنوان أنه شرع إلهي ومستمد من الوحي السماوي، وإلا فأين محل الشبهات الحكمية التي وردت الروايات بالبراءة فيها وحكم العقل بقبح العقاب عليها؟ وبديهي أن الشعائر الحسينية ليست كذلك كيف والإبكاء مأمور به[3] وهو فعل توليدي يحتاج إلى سبب وهو إما قولي: كذكر المصائب، وإنشاء المراثي، أو عملي: كما في عمل الشبيه
_____________________
[2] ملحق بالجزء الثاني من صراط النجاة للخوئي صفحة 562 ط 1417هـ.[2] ويأتي تصريح الخونساري وعباس القمي بأن معز الدولة البويهي هو الذي أمر الناس بالنواح والبكاء وإقامة المآتم في السكك والأسواق…إلخ.[3] روى أحمد بن فهد الحلي في عدة الداعي [ص 169] عن الصادق عليه السلام قال : كل عين باكية يوم القيامة إلى ثلاثة عيون : "عين غضت عن محارم الله وعين سهرت في طاعة الله وعين بكت في جوف الليل من خشية الله " فالبكاء يكون من خشية الله، لا كما يكون في الحسينيات والمآتم.
[ 55 ]
فللفقيه أن يحكم بجواز تلك الشعائر لما يترتب عليها من الإبكاء الراجح البتة كما أن التعزية عنوان قصدي ولا بد له من مبرز ونرى أن مبرزات العزاء في الملل المختلفة مختلقة وما تعارف عند الشيعة ليس مما نهى عنه الشرع أو حكم قبحه العقل وعلى المشكك أن يفهم المراد من البدعة ثم يطابقها على ما يشاء إن أمكن"[1].قال حسن معنية : " جاء العهد البويهي في القرن الرابع الهجري فتحرر هذا اليوم[2]، وتجلى كما ينبغي حزينا في بغداد والعراق كله وخرسان وما وراء النهر والدنيا كلها، إذ أخذت تتوشح البلاد بالسواد، ويخرج الناس بأتم ما تخرج الفجيعة الحية أهلها الثاكلين، وكذلك الحال في العهد الحمداني في حلب والموصل وما والأهم، أما في العهود الفاطمية فكانت المراسيم الحسينية في عاشوراء تخضع لمراسيم بغداد، وتقتصر على الأصول المبسطة التي تجري الآن في جميع الأقطار الإسلامية والعربية، وخاصة في العراق وإيران والهند وسوريا والحجاز فتقام المآتم والمناحات وتعقد لتسكب العبرات وأصبحت إقامة الشعائر الحسينية مظهراً من مظاهر خدمة الحق وإعلان الحقيقة"[3]،[4].ثم يستعرض إمامهم وشهيدهم آية الله حسن الشيرازي الأدوار التي
__________________________
[1] مقتل الحسين لمرتضى عياد ص 192 الطبعة الرابعة.[2] أي أن المآتم والحسينيات لم تعرف إلا في هذا اليوم بسبب البويهيين.[3] آداب المنابر ص 192.[4] أي أنه قبل البويهيين والفاطميين ليست مظهراً من مظاهر خدمة الحق وإعلان الحقيقة فجاء هؤلاء وليس الأئمة المعصومون فجعلوها مظهراً من مظاهر خدمة الحق.

[ 56 ]
مرت بها هذه الشعائر فيشتكي من الظلم الذي منع الشيعة من إظهار هذه الشعائر فيقول: "غير أن الشيعة لم يقدروا على هذا التعبير الجريء عندما كانوا يرزحون في ظلمات بني أمية وبني العباس وإنما اختلفت عليهم الظروف القاسية والرخية اختلاف الفصول على مشاتل الورد فاختلفت تعبيراتهم باختلافها"[1].ثم ذكر الشيرازي خمسة أدوار: الدور الأول: وهو دور الأئمة. قال الشيرازي: "انحصر فيه تعبير الشيعة على تجمع نفر منهم في بيت أحدهم، إنشاد فرد منهم أبيات من الشعر، أو تلاوته أحاديث في رثاء أهل البيت، وبكاء الآخرين بكل تكتم وإخفاء وتقية الحكومات الظالمة أن تطيش بهم في جنون فتطير رؤوسهم"[2].قلت وهذا كلام مردود وهو من كيس الشيرازي لأنه لم يذكر أي مصدر نقل منه هذا الكلام. الدور الثاني: دور بني العباس. وقد اشتكى الشيرازي من هذا الدور إلا إنه عاد فقال: "فتوسعت مجالس التأبين على الإمام الشهيد وعلت برثائه المنابر ولكن في إطار محدود يفصله عن حركة التشيع"[3]. قلت: وكلام الشيرازي هذا مردود أيضا من قام هو بنسفه عندما قال: "… ولكن في إطار محدود يفصله عن حركة التشيع" فما الفائدة إذن من استشهادك به؟!!‍‍‍‍‍‍.
_____________________
[1] الشعائر الحسينية للشيرازي ص 97 – 98.[2] المصدر السابق ص 98.[3] المصدر السابق ص 98.
[ 57 ]
ثم يذكر الشيرازي الدور الثالث فيقول: "دور البويهيين والديالمة والفاطميين وخاصة أيام معز الدولة الديلمي، الذين رفعوا الإرهاب، وأطلقوا طاقات الشيعة، ومكنوهم من إخراج مجالس التأبين عن الدور إلى المجامع والشوارع والساحات العامة،وإعلان الحداد الرسمي العام يوم عاشوراء، إغلاق الأسواق، وتنظيم المواكب المتجولة في الشوارع والساحات"[1].ثم يذكر الدور الرابع فيقول: "دور الصفويين وخاصة عهد العلامة المجلسي الذي شجع الشيعة على ممارسة شعائرهم بكل حرية فأضافوا إليها التمثيل الذي كان إبداعاً منهم لتجسيد المأساة"[2].ثم يذكر الدور الخامس فيقول: "دور الفقهاء المتأخرين وعلى رأسهم الشيخ مرتضى الأنصاري وآية الله الدربندي حيث أكثرت الشيعة من مواكب السلاسل والتطبير"[3].ثم عاد الشيرازي ليعترف بما اعترف به التبريزي والفاني الأصفهاني قال: "ولو أن الشيعة في عهود الأئمة عليهم السلام وجدوا الحرية الكاملة لأقاموا هذه الشعائر القائمة اليوم وأكثر، غير أنهم لم يكونوا يجدون الحرية الكافية للتعبير الكامل عن مدى انفعالهم في كل العصور"[4].
_________________________
[1] الشعائر الحسينية ص 99.[2] الشعائر الحسينية ص 99.[3] الشعائر الحسينية ص 99.[4] الشعائر الحسينية ص 100.
[ 58 ]
فيقول الشرازي "لأقاموا هذه الشعائر القائمة اليوم" دليل على أن هذه الشعائر القائمة اليوم لم تكن قائمة في تلك العصور التي تكلم عنها. إذن هذه الشعائر لم تكن على عهد الأئمة ولم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فهي من محدثات الأمور التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار".فعلى الشيعي المنصف أن يدرك هذا ويعيد النظر في حضوره ومواظبته على هذه المآتم.وقبل أن ننهي هذا الفصل نوقف القارئ الكريم على إجابة محمد حسين فضل الله على من سأله عن تأسيس المأتم الحسيني.قال حسين فضل الله: "المأتم الحسيني أسسه أئمة أهل البيت (ع) الذين كانوا يعقدونه في بيوتهم ويستدعون من يقرأ الأشعار التي تذكر مصيبة الحسين عليه السلام بطريقة عاطفية"[1].وقد سئل بمناسبة سابقة عن تأسيس المأتم الحسيني فأجاب: "لا يبعد أن تأسيس الحسينيات انطلق من فكرة احترام المسجد لأن الناس قد يحتاجون إلى الاستماع لعزاء الحسين عليه السلام أو للمواعظ والإرشادات وفيهم الجنب وفيهم الحائض ومن جهة عدم جواز تنجيس المسجد فلربما جعلت الحسينيات إلى جانب المساجد لا لتكون بديلة عنها فهذا ما لم يفكر
________________________
[1] الندوة 5/509.
[ 59 ]
فيه أحد، ولكن من أجل حماية المساجد وإفساح المجال للاستماع للموعظة والذكرى الحسينية حتى يحضرها كل الناس حتى لو أدى ذلك إلى تنجيسها أو ما إلى ذلك ولا نعرف متى بدأ إنشاء الحسينيات"[1].قلت: فلاحظ أنه أول الأمر زعم أن أئمة أهل البيت هم الذين أنشأوا المآتم الحسينية، ثم جاء بعد ذلك ليقول: إنها انطلقت من فكرة احترام المسجد، وأنه لا يعرف متى بدأ إنشاء الحسينيات.
_________________________
[1] الندوة 4/478 – 479.
المبحث الثاني : الشيعة يستحدثون بدعة النياحة واللطم
أخي المسلم أن ما يفعله الشيعة في الحسينيات تحت مسمى الشعائر الحسينية هي من البدع التي استحدثها ودعا إليها علماء الشيعة فقد ألف داعيتهم عبد الحسين شرف الموسوي كتابا سماه ( المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة ) حاول فيه كعادته في مؤلفاته الدفاع عن البدع والخرافات التي يتعبد بها الشيعة، ومنها: المآتم كما يفهم من عنوان الكتاب، فقد حاول أن يثبت جواز إقامة المآتم من بكاء النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم[1].نعم لقد ذرفت عينا النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هل فعل النبي
_______________________
[1] راجع صفحة 11 وما بعدها من مجالسة الفاخرة.
[ 60 ]
صلى الله عليه وسلم ما تفعله الشيعة في مآتمهم؟ وهل جعل النبي صلى الله عليه وسلم من موت عمه حمزة رضي الله عنه وغيره مناسبة سنوية يجمع فيها الناس ويتفنن باكيا أو متباكيا لكي يبكي الحاضرون كما يفعل علماء الشيعة وخطباؤهم في الحسينيات؟ وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يوزع شراب العصير في ذكرى مقتل أو موت من ذكرهم هذا الشيعي؟‍‍‍. ولماذا استعمل عبد الحسين القياس، والقياس محرم في مذهبة؟ يقول: "وقد استمرت سيرة الأئمة على الندب والعويل وأمروا أولياءهم بإقامة مآتم الحزن على الحسين جيلاً بعد جيل"[1]. وقال وهو يرد على من يعيب على الشيعة نياحهم وعويلهم: "ولو علم اللائم الأحمق بما في حزننا على أهل البيت، والنصرة لهم، والحرب الطاحنة لأعدائهم، لخشع أمام حزننا الطويل، ولأكبر الحكمة المقصودة من هذا النوح والعويل، ولاذ من الأسرار في استمرارنا على ذلك في كل جيل"[2]. ويقسِّم الدكتور الشيعي هادي فضل الله موافق علماء الشيعة من اللطم وغيرها مما يقوم به الشيعة في حسينياتهم إلى قسمين: 1- المدرسة الإصلاحية: وتضم فريق المجددين الذي تزعمه محسن الأمين، ومن الأمور التي تركز المدرسة الإصلاحية على الابتعاد عنها وتحرم
____________________________
[1] المجالس الفاخرة ص 17، ويأتي إن شاء الله تعالى من كلام أئمتهم ما يدحض هذا الافتراء.[2] المجالس الفاخرة ص 26 – 27.
[ 61 ]
بعضها هي ضرر النفس بالضرب حتى الإدماء، واختلاق الأخبار، وذكرها، وإقامة الشبيه ( أي تمثيل مسرحية لملحمة كربلاء )[1]. 2- المدرسة المحافظة وتضم فريق المحافظين الذي تزعمه عبد الحسين صادق وهي تركز على أن كل شيء لك مباح وإن أدى إلى الأذى. ما دام لا نص على حرمته وبالتالي فلاشيء في نظرها محرم مما ذكرته المدرسة الإصلاحية"[2]. ثم يتعرض هادي فضل الله إلى موقف عبد الحسين شرف الدين الموسوي من المدرستين فيقول: "لقد راح مفكرنا – أي عبد الحسين – يؤكد أن المآتم الحسينية بجميع مظاهرها ليست من الحرام في شيء معتمداً على القاعدة الشرعية التي تنص على أن الأصل في الأشياء الإباحة لا الحرمة، فهو لم يحرم مظاهر المآتم الحسينية كما تفعل المدرسة الإصلاحية …"[3]. وقال حسن مغنية: "وأما فيما يتعلق بإقامة الشعائر الحسينية في عاشوراء فهو أمر له مظاهره، فإذا جاء المحرم رأيت المساجد العاملية والنوادي الحسينية ومداخل القرى مجللة بالسواد، متسربلة بالحزن، عليها علامات الأسى واللوعة، وتراءت وجوه العاملين تعلوها الكآبة، وتتشح بالشجن، فالنفوس منقبضة، والوجوه متجهمة، والقلوب فزعة جزعة، قد تملكها الهلع من فاجعة كربلاء، فهنا وهناك عويل ونواح يكربان القلب،
______________________
[1] رائد الفكر الإصلاحي ص 137.[2] رائد الفكر الإصلاحي هامش صفحة 138.[3] رائد الفكر الإصلاحي ص 137.
[ 62 ]
ويوجعان الصدر … "[1]. وقال أيضا : وفي صبيحة اليوم العاشر يكون قد وفد إلى النبطية عشرات الألوف من أبناء الطائفة وغيرها للاشتراك بإحياء الذكرى، ويبدأ الاحتفال بقراءة مصرع الحسين في حسينية النبطية التحتا في الساعة الثامنة صباحا، ينتهي في الساعة التاسعة والنصف تقريبا حيث يجري تمثيل المصرع، فيشترك في التمثيل أبناء النبطية كباراً وصغاراً نساء ورجالاً، بالإضافة إلى من نذره أهله لهذه الغاية من الأطفال، وتمثل في ساحة النبطية العامة واقعة الطف، حيث يشهدها حشد من المؤمنين يقدر بأكثر من خمسين ألفاً، يتم التمثيل في جو عابق بالحماس الديني، ثم يطوف بعد ذلك عدد من الشبان والأطفال في المدينة، وهم عراة الصدور يضربون رؤوسهم بالسيوف والخناجر، وظهورهم بالسلاسل، بشكل يبعث في النفوس الأسى …"[2]. وقال الشيعي المعروف عند قومه الدكتور أحمد الوائلي[3] عندما سئل عن ضرب الشيعة أنفسهم وجرح صدورهم في يوم عاشوراء؟ قال: "سبق للعلماء وأعطوا رأيهم في هذا الموضوع، وقالوا: إن هذا الضرب إن أضر بالنفس فهو محرم، وإذا لم يلحق بالنفس ضرراً فلم يحرم، فهو مجرد تعبير وجداني عن حبهم للحسين"[4].
____________________________
[1] آداب المنابر ص 176.[2] آداب المنابر ص 181.[3] ويسمونه كبير خطباء المنبر الحسيني.[4] مجلة مرآة الأمة الكويتية العدد 1073/16 يونيو 1997.
[ 63 ]
ويقول الكاتب الشيعي عبد الهادي عبد الحميد الصالح: "في حالة عدم إيذاء النفس فإن اللطم جائز، ويعتبر نوعا من التعبير عما يجيش داخل النفس، وهي حالة فطرية‍‍، تجاه الإنسان في مشاعره فقد تراه يصفق أو يقوم من مكانة فرحاً بشرط عدم الضرر البليغ بالنفس، وهناك بعض من الفتاوى التي صدرت من بعض العلماء التي حرمت أو على الأقل لا تحبذ عملية التطبير، وهي على كل حال كما أرى حالة من واقع البيئة الاجتماعية تدعوا فعلا إلى تصحيحها وهي قضية لا تعبر بالضرورة عن أصل العقيدة"[1]. ويقول شيخهم مهدي محمد السويج في كتابه "مائة مسألة مهمة حول الشيعة" ما نصه: "ولهذا ترى اللاطمين في ذكرى مأساة الحسين (ع) إنما يعبرون عن العواطف الجياشة، والمودة الصادق من جانب، كما يعبرون من جانب آخر بنفس لطمهم يعبرون عن السخط على الظالمين ابتداء من هناك وصولاً إلى هنا، وامتداداً حتى النهاية، ففي كل الأزمان يزيد وابن زياد، وفي كل زمان ضعفاء يعبرون عن ذلك باللطم ونحوه"[2]. ويقول من وصفوه بالأستاذ المحقق طالب الخَرسان: بهذا وأمثاله قامت النائحات في جميع العواصم الإسلامية يندبن الحسين (ع) ومن قتل معه من بنيه وأخوته وأنصاره"[3].
__________________________
[1] تعال نتفاهم ص 61.[2] مائة مسألة مهمة حول الشيعة ص 168 – 169.[3] ثورة الطف ص 75.
[ 64 ]
ونقل شيخهم الدكتور عبد علي محمد حبيل عن شيخهم حسن الدمستاني أنه قال: "النياحة على الحسين واجبة وجوباً عينيا"[1]. وقال علي الخامنئي: هناك أمور تقرب الناس إلى الله وتعزز تمسكهم بتعاليم الدين، ومن هذه الأمور مراسم العزاء التقليدية، وأن ما أوصانا الإمام[2] بإقامة مواسم العزاء التقليدية هو المشاركة في المجالس الحسينية، ونعي الإمام الحسين، والبكاء عليه، واللطم على الصدور في مواكب العزاء، وهي من الأمور التي تعزز المشاعر الجياشة إزاء أهل البيت ... أجل من المراسم اللطم على الرؤوس والصدور"[3]. وقال مرجع الشيعة الراحل آية الله العظمى الخميني موجهاً كلامه إلى خطباء الشيعة: "تكليف السادة الخطباء أن يقرءوا المراثي، وتكليف الناس يقتضي أن يخرجوا في المواكب الرائعة، مواكب اللطم …. ولكن لتخرج المواكب ولتلطم الصدور، وليفعلوا ما كانوا يفعلونه سابقا …"[4]. وقال أيضا: "إن مواكب اللطم هذه هي التي تمثل رمزاً لانتصارنا، لتقم المآتم والمجالس الحسينية في أنحاء البلاد ، وليلق الخطباء مراثيهم، وليبك الناس …. ولتمارس مواكب اللطم والردات والشعارات الحسينية ما كانت تمارسه في السابق، واعلموا أن حياة هذا الشعب رهينة بهذه المراسم والمراثي والتجمعات والمواكب"[5].
________________________[1] ملحمة الطف ص 15.[2] أي الخميني.[3] فلسفة عاشوراء ص 8 – 9.[4] نهضة عاشوراء ص 107.[5] نهضة عاشوراء ص 108.
[ 65 ]

المبحث الثالث : فتاوى كبار علماء الشيعة تُجوّز العمل ببدعة النياحة واللطم وغيرها
وإليك فتوى أحد كبارهم وهو من أسموه بالإمام المحقق رئيس الفقهاء العظام آية الله العظمى الشيخ محمد حسين النائيني عندما سئل عن شعائرهم وطقوسهم التي يمارسونها في مآتمهم وحسينياتهم: الأولى: خروج المواكب العزائية في عشرة عاشوراء ونحوها إلى الطرق والشوارع، مما لا شبهة في جوازه ورجحانه، وكونه من أظهر مصاديق ما يقام به عزاء المظلوم، وأيسر الوسائل لتبليغ الدعوة الحسينية إلى كل قريب وبعيد، لكن اللازم تنزيه هذا الشعار العظيم عما لا يليق بعباده مثله، من غناء أو استعمال آلات اللهو والتدافع في التقدّم والتأخر بين أهل محلتين، ونحو ذلك، ولو اتفق شيء من ذلك، فذلك الحرام الواقع في البين هو المحرم، ولا تسري حرمته إلى الموكب العزائي، ويكون كالناظر إلى الأجنبية حال الصلاة في عدم بطلانها. الثانية: لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار والاسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحد المذكور، بل وإن تأدى كل من اللطم والضرب إلى خروج دم يسير على الأقوى، وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى
[ 66 ]
جواز ما كان ضرره مؤموناً، وكان من مجرد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها ولا يتعقب عادة بخروج ما يضر خروجه من الدم، ونحو ذلك، كما يعرفه المتدربون العارفون بكيفية الضرب، ولو كان عند الضرب مأموناً ضرره بحسب العادة، ولكن اتفق خروج الدم قدر ما يضر خروجه لم يكن ذلك موجباً لحرمته، ويكون كمن توضأ أو اغتسل أو صام آمناً من ضرره ثم تبيّن ضرره منه، لكن الأولى، بل الأحوط، أن لا يقتحمه غير العارفين المتدربين ولا سيما الشبان الذين لا يبالون بما يوردون على أنفسهم لعظم المصيبة وامتلاء قلوبهم من المحبة الحسينية. ثبتهم الله تعالى بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. الثالثة: الظاهر عدم الإشكال في جواز التشبيهات والتمثيلات التي جرت عادة الشيعة الإمامية باتخاذها لإقامة العزاء والبكاء والإبكار منذ قرون، وإن تضمنت لبس الرجال ملابس النساء على الأقوى، فإنا وإن كنا مستشكلين سابقاً في جوازه، وقيّدنا جواز التمثيل في الفتوى الصادرة منه قبل أربع سنوات، لكنا لما راجعنا المسألة ثانياً اتضح عندنا أن المحرّم من تشبيه الرجل بالمرأة هو ما كان خروجاً من زي الرجال رأساً، وأخذاً بزي النساء دونما إذا تلبس بملابسها مقداراً من الزمان بلا تبديل لزيه، كما هو الحال في هذه التشبيهات، وقد استدركنا ذلك أخيراً في حواشينا على العروة الوثقى. نعم يلزم تنزيهاً أيضاً عن المحرمات الشرعية، وإن كانت على فرض وقوعها لا تسري حرمتها إلى التشبيه، كما تقدّم.
[ 67 ]
الرابعة: الدمام المتعمل في هذه المواكب مما لم يتحقق لنا إلى الآن حقيقته، فإن كان مورد استعماله هو إقامة العزاء وعند طلب الاجتماع تنبيه الراكب على الركوب وفي الهوسات القريبة ونحو ذلك. ولا يستعمل فيما يطلب فيه اللهو والسروة وكما هو المعروف عندنا في النجف الأشرف فالظاهر جوازه … والله أعلم"[1]. وقد وافقه على هذه الفتوى كما جاءت في المصدر المذكور كل من: 1- آية الله العظمى ميرزا عبد الهادي الشيرازي بقوله: ما ذكره قدس سره في هذه الورقة صحيح إن شاء الله تعالى[2].2- آية الله العظمى محسن الحكيم الطباطبائي[3].3- آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي قال: "ما أفاده شيخنا الأستاذ قدس سره في أجوبته هذه عن الأسئلة البصرية هو الصحيح ولا بأس بالعمل على طبقه… "[4]. 4- آية الله العظمى الإمام محمود الشاهرودي[5].5- آية الله الشيخ محمد حسن المظفر[6].
_______________________________
[1] نقل الفتوى شيخهم مرتضى عياد في مقتل الحسين ص 146.[2] مقتل الحسين ص 147.[3] مقتل الحسين ص 147. [4] مقتل الحسين ص 148.[5] مقتل الحسين ص 148.[6] مقتل الحسين ص 149.
[ 68 ]
6- آية الله العظمى حسين الحمامي الموسوي[1].7- آية الله محمد الحسين آل كاشف الغطاء[2].8- آية الله العظمى محمد كاظم الشيرازي[3].9- آية الله جمال الدين الكبايكاني[4].10- آية الله كاظم المرعشي[5].11- آية الله مهدي المرعشي[6].12- آية الله علي مدد الموسوي الفايني[7].13- آية الله الشيخ يحيى النوري[8].قال الشيخ مرتضى عياد: "وقد كتب جماعة كبيرة من عظماء الفقهاء فيما سبق ما يخص بالموضوع، ولا يسع المجال لذكر على ما كتبوه بهذا الصدد"[9]. ثم ذكر مرتضى عياد فتاوى كثيرة لكثير من علمائهم تجيز العمل بهذه البدع التي استحدثوها في الدين، إليك فقرة من إحداها وهي لمن أسموه
___________________
[1] مقتل الحسين ص 149.[2] مقتل الحسين ص 149.[3] مقتل الحسين ص 150.[4] مقتل الحسين ص 150.[5] مقتل الحسين ص150.[6] مقتل الحسين ص 151.[7] مقتل الحسين ص 151.[8] مقتل الحسين ص 152.[9] مقتل الحسين ص 152.

[ 69 ]
بالعلامة الكبيرة الزاهد الورع المحدث آية الله الشيخ خضر بن شلال العفكاوي منها: "… قد يستفاد من النصوص التي منها ما دل على جواز زيارته ولو مع الخوف على النفس وجواز اللطم عليه والجزع لمصابه بأي نحو كان، ولو علم أنه يموت من حينه".
نقل هذا مرتضى عياد في كتابه "مقتل الحسين" صفحة 153 المطبوع عام 1996 طبعة مصورة على طبعة المطبعة العلوية في النجف وقد اطلعت على طبعة دار الزهراء ببيروت عام 1991م حيث نُقِلَت فتوى الشيخ المذكور مختصرة في الصفحة 154 ونصها: "الذي يستفاد من مجموع النصوص ومنها الأخبار الواردة في زيارة الحسين المظلوم ولو مع الخوف على النفس يجوز اللطم والجزع على الحسين كيفما كان حتى لو علم أنه يموت في نفس الوقت". ويقول شيخهم آية الله مرتضى الفيروز آبادي: "إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عله سيرة الشيعة في العصور السابقة والأزمنة الماضية، وفيها الأعاظم والأكابر من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين، ولم يسمع ولن يسمع،أن أحداً منهم قد أنكر ذلك ومنع، ولو فرض أن هناك من منع لشبهة حصلت له، أو لاعوجاج في السليقة، فهو نادر والنادر كالمعدوم"[1]. أما محمد حسين فضل الله فإليك ما صرح به في مسألة اللطم: قال: " أما بالنسبة إلى ما يسمى الشعائر الحسينية فإننا نرى أنها
______________________________
[1] مقتل الحسين ص 188-189 ط4 1996 م ص 170 ط دار الزهراء.

[ 70 ]
تمثل الأساليب التعبيرية عن الحزن، وعن الولاء، وأساليب التعبير تختلف بين زمن وزمن. فالبكاء أسلوب إنساني في التعبير عن الحزن"[1]. وقال فضل الله أيضا: "وعلى هذا الأساس فنحن نقول بأنه يمكن للإنسان أن يلطم بحسب ولائه، وبحسب محبته، لكن بشرط أن لا يكون اللطم مضراً بالجسد…[2].وقال أيضا: "إن اللطم الهادىء هو الذي تلطم صدرك فيه وأنت تستحضر المأساة فكل ما يكون تعبيراً عن الحزن من دون أن يضر الإنسان في بدنه فهو جائز"[3]. ______________________
[1] الندوة 1/289 لاحظ عدم إتيانه بنص شرعي…. الأساليب التعبيرية !!![2] الندوة 1/337.[3] الندوة 1/339.
[ 71 ]

المبحث الرابع : عدم جواز التطبير وضرب السلاسل إذا أوجب هتك حرمة التشيع
إن الشيعة يتهربون من كل ما من شأنه أن يهتك ستار مذهبهم، حتى وإن كان جائزاً عندهم، وذلك لخداع مخالفيهم، وتلميع صورة التشيع أمامهم، وأكبر مثال على ذلك آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي في موقفه من التطبير وضرب السلاسل، قال محمد حسين فضل الله:"فحتى السيد الخوئي كان يفتي بحرمتها في كتاب المسائل الشرعية التي نشرتها الجماعة
الإسلامية في أميركا وكندا، فلقد سئل عن التطبير وضرب السلاسل هل يجوز؟ فقال: إذا أوجب هتك حرمة المذهب فلا يجوز. قالوا: كيف ذاك؟ قال: إذا أوجب سخرية الناس بالآخرين"(1).
فلاحظ كيف أن تحريمها لمجرد هتكها حرمة المذهب !!!. هذا وقد سبق لنا نقل موافقة الخوئي لفتوى شيخهم وآيتهم العظمى محمد حسين النائيني والذي أجاز كل ما يقترفونه في مآتمهم من لطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار إلى ضرب بالسلاسل على الأكتاف والظهور.. إلخ. وعلى هذا ليس لأحد أن يطمئن إلى ما يقررونه، أو إلى ما ينكرونه، لأن عقيدة التقية والكتمان تبيح لهم التدليس على خصومهم، والكذب عليهم، فلو سأل أحد من أهل السنة الخوئي عن حكم اللطم والضرب بالسلاسل وغيرها من بدعهم لإجابة هذا الخوئي(التقوي)(2) بأنه محرم عنده لأنه يهتك حرمة المذهب، لا أنه حرام كما يراه.
لقد كنت قديما أسأل أهل العلم منهم عن حكم اللطم وغيره فيجيبونني بأنه من فعل العوام، وأنه حرام. ثم أتعجب عندما أجد هؤلاء وهم يحاضرون في المآتم والحسينيات والناس تلطم وتضرب أجسادها بالسلاسل وهم لا ينكرون عليهم، فانعقد اليقين عندي أن القوم يتعمدون عدم الوضوح مع مخالفيهم، وأعجب من ذلك أنه عندما ينكشف أمرهم لا يخجلون..
_________________________
(1) الندوة 1/338.(2) لكثرة استعماله التقية.
[ 72 ]

0 Comments:

Post a Comment

<< Home


Corporate Logo Design
Hit Counter